صحفي يهودي منصف للإسلام وهل انتشر الإسلام بالسيف؟

صحفي يهودي منصف للإسلام

 



الكاتب :يوري افنري

 



ترجمة الدكتور نهى أبو كريشة

 



أستاذة الأمراض العصبية كلية طب القاهرة

 



منذ الأيام التي كان فيها الإمبراطور الروماني يلقي بالمسيحيين للأسود والعلاقة بين الإمبراطور و رئيس الكنيسة أصابها الكثير من المتغيرات.

 



الكنيسة انقسمت إلى الكنيسة الشرقية(اورثوذوكس) و الكنيسة الغربية( الكاثوليك)

 



في الغرب حبر الكنيسة الرومانية(الكاثوليكية) الذي لقب بالبابا الذي كان يصر على ان يتقبل الإمبراطور علو مكانته عليه.

 



المعركة بين الإمبراطور والبابا شكلت الكثير في التاريخ الأوروبي كما ساهمت في تقسيم الناس. بعض الأباطرة لفظوا البابا وأهملوه، كما أن بعض البابوات لفظوا الأباطرة., وحرموهم كنسيا, ويذكر في التاريخ كيف أن هنري الرابع وقف أمام قلعة البابا حافي القدمين في الثلج مدة ثلاثة أيام حتى قرر البابا ان يبطل قرار الحرمان الكنسي..

 



لكن هناك أوقات يتعايش البابا والإمبراطور مع بعضهما بسلام ونعيش نحن هذه الحقبة الآن البابا بندكت السادس عشر والإمبراطور الحالي بوش الثاني بينهما الكثير من الانسجام.حيث كانت تصريحات البابا الأخيرة متماشية بصورة رائعة مع الحملة الصليبية بقيادة بوش الثاني ضد الفاشية الإسلامية في اطار صراع الحضارات.

 



في محاضرة البابا رقم 265 في الجامعة الالمانية كان يشرح ما اسماه الفرق الكبير بين المسيحية و الاسلام. حيث قال ان المسيحية مبنية على العقلانية والسببية بينما الإسلام يتجاهل ذلك كما أن المسيحية ترى الحكمة في أعمال الله فان المسلم ينكر اي منطق في أفعال الرب.

 




 



بالنسبة إلي و أنا يهودي ملحد لا يوجد لدي النية في أن ابحث هذه الجدلية. وان كان كلام البابا يتخطى فدرتي على فهم منطقه.إلا أنني لا أستطيع أن أتجاوز رسالته فهي تعنيني كإسرائيلي يعيش على الجانب الخاطئ في ما يسمى بحرب الحضارات.

في تأكيد منطقه في غياب العقلانية في الإسلام ادعى أن محمدا أمر أتباعه إلى نشر الإسلام بالسيف. كيف يولد الإيمان من الجسد؟ الإيمان لا ينبع إلا من الروح. كيف ينشر السيف الإيمان كيف يؤثر السيف في الروح؟.

 



ولكي يؤكد على كلامه اقتبس كلام الإمبراطور مانويل الثاني الذي قال أن كل ما جاء به محمد هو شر و شيطاني ولا إنساني وانه دعا إلى نشر الإيمان بالسيف.

 



هذه الكلمات تؤدي إلى ثلاثة أسئلة:

 



 لماذا قال هذا الإمبراطور هذا الكلام ؟ وهل هذه كلمات حقيقية؟ ولماذا البابا الحالي اقتبس هذه الكلمات؟.

 



عندما صاغ هذا الإمبراطور هذه العبارة كان على راس امبراطورية تحتضر تحت الخطر التركي الذي استطاع الوصول إلى الدانوب و اخذ بلغاريا وشمال اليونان وفي عام 1453 أي بعد وفاة مانويل بسنوات قليلة سقطت القسطنطينية (استانبول حاليا) عاصمة امبراطورية دامت ألف عام.

 



كان الإمبراطور يحاول بكلماته حث ملوك أوروبا واستثارة حميتهم الدينية بان يقوموا بشن حرب صليبية جديدة ضد الأتراك واعدا إياهم بتوحيد الكنيسة. الهدف كان سياسيا (الدين في خدمة السياسة).

 



من هذا المنطلق هذه الكلمات تستخدم حاليا لتوحيد العالم المسيحي ضد المسلمين (محور الشر). الأتراك مازالوا يدقون أبواب أوروبا هذه المرة سلميا (تسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي) من المعلوم أن البابا يعارض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

 



هل كلمات مانويل حقيقية؟

 



حتى البابا نفسه في اقتباسه لهذه الكلمات قالها بحذر فهو لا يستطيع أن ينكر ما هو مقرر ومشهور ومكتوب في القرآن نفسه من رفض الإكراه في العقيدة وقد اقتبس البابا بنفسه الآية التي في السورة الثانية من القرآن التي تقول لا إكراه في الدين

 



كيف يستطيع المرء أن يتعامل مع هاتين العبارتين المتعارضتين البابا أوجد حلا عجيبا إذ قال أن هذا كان عندما كان محمد ضعيفا بلا قوة أما عندما أصبح قويا استعمل السيف لنشر الإيمان

 



في الحقيقة أن محمدا استعمل السيف في حروبه مع أعدائه من يهود ومشركين و مسيحيين و غيرهم عند تكوين دولته إلا أن هذا كان عملا سياسيا و ليس دينيا.

 



المسيح يقول:تعرفوا على الناس من ثمراتهم.

 



 نستطيع أن نعلم كيف تعامل الإسلام مع مختلف الأديان من خلال اختبار بسيط :كيف تعامل الحكام المسلمون مع أهل الأديان المختلفة لأكثر من ألف عام عندما كان لديهم المقدرة و القوة على نشر الإيمان بالسيف؟

 



في الحقيقة أنهم لم يستعملوه.

 



لقد حكم المسلمون اليونان فهل أصبح اليونانيون مسلمين هل حاول احدهم

 



 أسلمتهم ؟على العكس لقد تبوأ المسيحيون اليونانيون مراكز عليا في تركيا العثمانية. الصرب والبلغار وغيرهم من الدول الاوربية التي كانت تحت الحكم العثماني ظلت مسيحية نعم الالبان و البوسنيون أصبحوا مسلمين ولكن هذا كان خيارهم و ليس بالاكراه.

 



في عام 1099 الصليبيون اجتاحوا القدس و ذبحوا المسلمين و اليهود المقيمين فيها دون تمييز باسم المسيح الطيب الرقيق. في هذا الوقت اي بعد 400 عام من حكم القدس من قبل المسلمين كان المسيحيون في القدس اكثرية طوال هذه الفترة الطويلة لم يقهرهم احد على التحول للاسلام. فقط بعد انتهاء هذه الحروب الصليبية تحول المسيحيون الفلسطينيون الى الاسلام طوعا وتكلموا العربية وهم اجداد الفلسطينيين المسلمين الحاليين.

 



كما انه لا يوجد اي دليل على اي محاولة مورست ضد يهودي لتحويله للاسلام. وكما هو معروف جدا لقد تمتع اليهود بالعيش تحت حكم المسلمين في الاندلس كما لم يتمتعوا في اي مكان حتى وقتنا الحالي. في اسبانيا المسلمة كان اليهود سفراء ووزراء وشعراءو علماء. في اسبانيا المسلمة عمل العلماء اليهود والمسيحيون والمسلمون معا على ترجمة الفلسفة الاغريقية و اليونانية والمخطوطات العلمية. لقد كان بحق عصرا ذهبيا.كيف كان هذا ليكون لو كان محمد امر بنشر الاسلام بالسيف.

 



ولنتعرف على ما حدث بعد ذلك عندما استولى الكاثوليك على اسبانيا لقد عملوا إرهابا دينيا كان اليهود والمسلمون أمامهم خيار بشع إما أن يصبحوا مسيحيين أو يذبحوا أو يهجروا. مئات الألوف من اليهود الذين رفضوا التخلي عن عقيدتهم تلقتهم الدول الإسلامية بأذرع مفتوحة من المغرب غربا إلى العراق شرقا و من بلغاريا شمالا (كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية) إلى السودان جنوبا

 



لم يحدث لهم ما فعلته بهم الدول الأوربية المسيحية بدءا من التطهير العرقي والطرد الجماعي و انتهاء بالهولوكست(المحرقة).

 



لماذا لان الإسلام يحرم اضطهاد أهل الكتاب و يجعل لهم مكانة خاصة فقد كانوا يدفعون ضريبة مالية مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية و كان هذا أمرا مرحبا به جدا من قبل اليهود.

 



ان اي يهودي امين لا يستطيع الا ان يشعر بالعرفان و التقدير للاسلام و اهله الذين حموا خمسين جيلا من اليهود في الوقت الذي كان فيه العالم المسيحي يضطهد اليهود ويحاول تغيير عقيدتهم بالسيف .

 



هذه المقولة الشريرة عن انتشار الاسلام بالسيف لا تروج الا اثناء الحروب الكبرى ضد المسلمين في اوروبا وان البابا الحالي رغم انه عالم ديني يبدو انه لم يبذل اي جهد لدراسة تاريخ الاديان الاخرى.

 



لماذا في خطاب عام كانت كلمات البابا؟ ولماذا الآن؟.

 



لا يمكن ان تخرج هذه الكلمات عن سياق الحرب الصليبية الجديدة بقيادة بوش ومن يساندونه من المبشرين الانجليين. في اعلان الحرب على الفاشية الإسلامية (بزعمهم) والحرب الكونية على الارهاب عندما اصبح الارهاب مرادفا للاسلام.بالنسبة لبوش كان هذا كافيا ليخفي الحقيقة العارية بانه يريد السيطرة على منابع النفط. ليست اول مرة في التاريخ التي يستخدم فيها الغطاء الديني لاخفاء النهم الاقتصادي.ليست اول مرة حملة القراصنة تصبح حملة صليبية.

 



لمراسلة الصحفي يوري افنري : avnery@actcom.co.il

 



المصدر: مقالة لكاتب يهودي يرد فيها على كذب انتشار الإسلام بالسيف ويرد على خطاب البابا بندكت السادس

 




 



مقالة ذات صلة:

 



القتال في الإسلام ضوابط وأحكام

 


تاريخ الاضافة: 26-11-2009
طباعة