« مصائب المسلمين لهم أم عليهم »






مصائب المسلمين لهم أم عليهم





إن الإنسان إذا علم أن ما قدره الله كائن ، وأن كل ما ناله من خير أو شر إنما هو بقدر الله وقضائه ومشيئته هانت عليه المصائب، فالله ناصرنا ومتولي أمورنا وجاعل العاقبة لنا ومظهر دينه على جميع الأديان ، وأن من حق المؤمنين أن يجعلوا توكلهم مختصاً بالله سبحانه لا يتوكلون على غيره ، فمن الممكن للفتنة أن تتعدى الظالم، فتصيب الصالح والطالح.

قال تعالى : "أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً وهم يلعبون" وقال " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم "

وفي الصحيح من حديث زينت بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
"
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول : لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها . قالت : فقلت يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا كثر الخبث "

وروى البخاري عن ابن عمر قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم".

فهذا يدل على أن الهلاك العام منه ما يكون طهرة للمؤمنين ومنه ما يكون نقمة للفاسقين.

قال الإمام أحمد حدثنا حسين حدثنا خلف بن خليفة عن ليث عن علقمة بن مرثد عن المعرور بن سويد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده" فقلت يا رسول الله: أما فيهم أناس صالحون قال "بلى" قالت فكيف يصنع أولئك ؟ قال " يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان".

قال الإمام أحمد حدثنا حجاج بن محمد حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من قوم يعملون بالمعاصي وفيهم رجل أعز منهم وأمنع لا يغيره إلا عمهم الله بعقاب أو أصابهم العقاب" ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق به.

قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد عن منذر عن الحسن بن محمد عن امرأته عن عائشة تبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم "إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل الأرض بأسه" فقلت وفيهم أهل طاعة الله ؟ قال: "نعم ثم يصيرون إلى رحمة الله".

فنصل أن الله عز وجل امرنا أن نستعين بالصبر والصلاة .. على ماذا ؟
على كل ما يطلبه منا الله ، وعلى تكليفاته ومنهجه نستعين على ذلك بالصبر والصلاة

ولكن لماذا الصبر ؟ لأن الصبر هو منع النفس من الجزع من أي شيء يحدث وهو يأخذ ألواناً شتى

إن الأحداث لا تملأ الخلق بالفزع والهلع إلا ساعة الانفلات من حضانة ربهم ... وإنما من يعيش في حضانة ربه لا يجرؤ عليه الشيطان فالشيطان خناس .

ولو نظرنا إلى بعض الأحداث التي أصابت بعض المسلمين ، فلا نجدها إلا ابتلاء ، فالابتلاء ليس شر أو إزهاق أو إراقة دماء ، ولكن الشر هو أن تسقط في الابتلاء ، فكل ابتلاء هو اختيار وامتحان ، ولم يقل أحد : إن الامتحانات شر ، إنها تصير شراً من وجهة نظر الذي لم يتحمل مشاق العمل للوصول إلى النجاح ، وأما الذي بذل الجهد وفاز بالمركز الأول ، فالامتحانات خير بالنسبة له ، إذن فالله عز وجل وضع لنا امتحاناً ، والمهم أن ينجح المؤمن في كل الإبتلاءات ، حتى يواجه الحياة صلباً ن ويواجه الحياة قوياً . ويعلم أن الحياة معبر ، ولا يشغله المعبر عن الغاية .
فكل مسلم يستقبل المصيبة واثقاً أنها على قدر إيلامها يكون الثواب عليها ، ولذلك عندما يفرح الكافر بما يصيب المسلمين في بعض الأحداث ، أنزل الله عز وجل قوله وهو أصدق القائلين

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
((
قُل لَّن يُّصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُون))

أي قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء الحمقى من الكافرين : إنه لن يحدث لنا إلا ما كتبه الله لنا.

لأنك أيها الكافر الجاهل لو تأملت قول الله عز وجل ((((مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا )))) أي أن المسألة ستكون لحسابنا ، وسنأخذ عليها حسن الثواب من الله ، لأن الله عز وجل لم يقل (((ما كتب الله علينا))) لأنها لو كانت كذلك لكان معناها أنها جزاء وعقاب من الله

إذن أي أمر يصيب المسلمين ، إما أن يكونوا لهم دخل فيها ، وإما أن تكون مصيبة لا دخل لهم بها

فإن كان لهم دخل بها ، فعند ذلك لا يصح أن يجزعوا لأنهم هم الذين جاءوا بالأمر المؤلم لنفسهم

وإن كانت المصيبة لا دخل لهم بها ، فعند ذلك وجب أن يبحثوا عن سببها : اعدلا أم ظلماً ؟ فإن كانت عدلاً فهي قد جبرت الذنب ، وإن كانت ظلماً فسوف يقتص الله له ممن ظلمه ، وعلى هذا فالمؤمنون في كلتا الحالتين هم الرابحون

إذن فالمؤمن يستقبل كل مصيبة متوقعاً أن يأتي له منها خير ، وعلى كل مؤمن أن يقيم نفسه تقييماً حقيقياً ، (( هل لي على الله حق ؟ أنا مملوك لله وليس لي حق عنده ، فما يجريه على ّ فهو يجريه في ملكه هو )) .

لن يستطيع أحد درء أي مصيبة – ومادمنا لا نستطيع أن نمنع وقوع المصائب والأحداث ، فلنقبلها – كمؤمنون – لأن الحق سبحانه وتعالى يريد بنسبتنا إليه أن يعزنا ويكرمنا .

إنه يدعوننا أن نقول : (( إنا لله وإنا إليه راجعون )) . إننا بهذا القول ننسب ملكيتنا إلى الله ونقبل ما يحدث لنا . ولا بد لنا هنا أن نأتي بمثال – ولله المثل الأعلى
هل رأيت إنساناً يفسد ملكه ؟ أبداً

إن صاحب الملك يعمل كل ما يؤدي إلى إصلاح ملكه ، وإن رأى الناس في ظاهر الأمر انه فساد ، فما بالنا بالله سبحانه وتعالى ونحن ملك له ، وهو سبحانه لا يـُعرض ملكه أبداً للضرر ، إنما يقيمه على الحكمة والصلاح

إذن فنحن لله ابتداء بالملكية ، ونحن لله نهاية في المرجع ، وهو سبحانه ملك القوسين ، الابتداء والانتهاء ، ولذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أي مصيبة تصيبنا أن نقول : إنا لله و إنا إليه راجعون ، وزادنا أيضاً أن نقول : (( اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها )) ، وطالما ذكرنا ذلك في مصيبتنا فلا بد أن نجد فيما يأتي بعدها خيراً منها . و أكد الله عز وجل ذلك بقوله وهو أصدق القائلين

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ (

ولهذا فزنا برحمة الله عز وجل ، فأنعم الله علينا بالبركة والاطمئنان برحمته .
ولكي نفوز فوزاً عظيما فلنصلي على الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم وندعوا له بالخير وبالرحمة وبالبركة لأن هذا الدعاء سيعود علينا مرة أخرى .. لماذا؟

لأن كل منزلة ينالها رسول الله عائدة لأمته وللعالم أجمع .
فمن الذي يشفع عند الله في يوم الحشر ليعجل الله بالفصل بين الخلائق ؟
إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

إذن فكل خير يناله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خير لأمته ، فإذا دعونا له فكأننا ندعوا لأنفسنا ولأمة المسلمين أجمع ، لأننا عندما نصلي عليه مرة يصلي الله علينا عشراً ، أليس في ذلك خير لنا ؟ فلنصلي ونسلم ونبارك على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرَ

وإنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله

اللهم تقبل منا صالح الأعمال
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





كتبة الاخ :السيف البتار



» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.