« الطائفة الأحمدية القاديانية »






الطائفة الأحمدية القاديانية

 





د. حكمت الحريري

 





          هذه الدراسة جواب لسؤال ورد إلينا من إخوة في هولندا، يسألون عن حقيقة هذه الطائفة ومما ورد في خطابـهم: "نحن جماعة كثير ما وقع بيننا اختلاف بل خلاف يكاد أن يصير إلى شجار بيننا فيما يسمى بالعقيدة الأحمدية أو مذهبها، هناك من يقول فيهم بأنـهم من المرتدين وهناك من يقول غير ذلك، لذلك اتجهنا إليكم.. لنتخذكم حكماً فيما بيننا.. [لذا] نرجو أن تخصصوا لنا في مجلتنا الشهرية (السنة) موضوعاً عن هذه (العقيدة الأحمدية)..

 





          سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير، الخافض الرافع المعز المذل المحي المميت، مكور الليل على النهار ومكور النهار على الليل، القائل في محكم كتابه: ((وتلك الأيام نداولها بين الناس)).

 





          لقد حاصرت الجيوش الإسلامية أيام الخلافة العثمانية النمسا عدة مرات، وبقي علم الهلال يرفرف على حدود إيطاليا عشرات السنين كان ذلك في عهد ازدهار الخلافة العثمانية.

 





          ولكن ثمة أمور حصلت ودارت الأيام، فانقلبت الموازين، وجعلت الغازي مغزواً والمهاجم مدافعاً، ولذلك أسباب ليس هذا موضع بحثها وتفصيلها.

 





          ضعفت الخلافة العثمانية في آخر عهدها حتى أطلق عليها لقب "الرجل المريض" صارت البلاد الأوربية تقتسم الميراث، فأصبحت البلاد الإسلامية طعمة للمستعمرين ونـهبة للظالمين، فاحتلت بريطانيا شبه القارة الهندية وممالك إسلامية أخرى، واحتلت فرنسا بلاد المغرب وجزءاً من بلاد الشام، واحتلت هولندا إندونيسيا!! وهكذا.. وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.

 





          بعد هذه السيطرة الاستعمارية على بلاد العالم الإسلامي ظهرت الفتن والمحن والمصائب التي تشيب من هولها الولدان، والرزايا التي تدع الحليم حيران، ظهرت الحركات القومية، والفتن الطائفية، والدعوات الوطنية، وغير ذلك من عقائد كفرية وشركية، ظهرت في إيران الدعوة البابية والبهائية وفي الشام رجل ادعى الألوهية، وفي الهند الحركة الأحمدية القاديانية، وآخر قبله يدعى "أحمد خان" صاحب مدرسة فكرية منكر للسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.

 







 





          تنسب الأحمدية أو القاديانية إلى "غلام أحمد القادياني" المولود سنة 1840 م في قرية قاديان من مقاطعة بنجاب الهندية، ولما بلغ سن التعليم قرأ القرآن وبعض الكتب الفارسية واللغة العربية والمنطق والفلسفة، وقرأ على أبيه كتباً في الطب، وكان عمره عندما نشبت الثورة الهندية الكبرى ضد الإنكليز سنة 1857 م سبعة عشر عاماً.

 





          وعرفت أسرة غلام أحمد القادياني بالولاء والإخلاص للإنكليز المستعمرين، ووقوفها ضد المسلمين في الهند، وقد ذكر هذا غلام أحمد وتفاخر به، فقال: "لقد أقرت الحكومة بأن أسرتي في مقدمة الأسر التي عرفت في الهند بالنصح والإخلاص للحكومة الإنكليزية، ودلت الوثائق التاريخية على أن والدي وأسرتي كانوا من كبار المخلصين لهذه الحكومة من أول عهدها، وصدّق ذلك الموظفون الإنكليز الكبار، وقد قدم والدي فرقة مؤلفة من خمسين فارساً لمساعدة الحكومة الإنكليزية في ثورة عام 1857 م، وتلقى على ذلك رسائل شكر وتقدير من رجال الحكومة، وكان أخي الأكبر "غلام قادر" بجوار الإنكليز على جبهة من جبهات حرب الثورة" انتهى كلامه.

 





          وفي سنة 1864 م حصل على وظيفة في إدارة نائب المندوب السامي في مدينة "سيالكوت" ثم استقال منها بعد أربعة أعوام، أي سنة 1868 م، وشارك والده في إدارة شؤونه الخاصة.

 





          هيأ غلام أحمد نفسه ليكون ذائع الصيت، وبدأ يؤلف كتاباً كبيراً في فضل الإسلام وإعجاز القرآن وإثبات النبوة، وسماه "براهين أحمدية" وذلك سنة 1879 م وذكر فيه من المنامات والإلهامات والتكليمات الإلهية والإلهامات والخوارق والكشوف الشيء الكثير. وهذا الذي أكسبه سمعة وصيتاً بين المسلمين لأنه تصدى لأمر شغل بال المسلمين الذين كثر التحدي لهم من قبل القساوسة والهنادكة وطعنهم بالإسلام والقرآن ونبـي الإسلام.

 





          إلا أن بعض العلماء خشي أن يكون مؤلف الكتاب أي غلام أحمد مدعياً للنبوة وذلك لكثرة ما أورد فيه من إلهامات وكشوفات، ومن هؤلاء بعض علماء أهل الحديث في منطقة "أمرتسار" وكتبوا عن ذلك ناقدين في مجلة "إشاعة السنة" وما خاب ظنهم!!.

 





          وبعد ذلك صار ينتقل في المقاطعات والمدن الهندية يدعو إلى نحلته وعقيدته الجديدة.

 





وها هنا عبرة لأولي الألباب وهي أن كثيراً من المشبوهين والدخلاء يتظاهرون بالإخلاص ويقومون بأعمال بطولية لكسب ثقة الناس وتعاطفهم، ثم بعد ذلك تحدث منهم المصائب والنكبات، حين لا ينفع الندم ولات حين مناص.

 





يذكرك هذا بما فعله مصطفى كمال من إظهار البطولات ومعارك النصر الوهمية حتى اكتسب ثقة كثير من المسلمين، ومدحه الشعراء ومنهم أحمد شوقي حيث قال:

 





الله أكبر كم في الفتح من عجب  يا خالد الترك جدد خالد العرب

 





ثم عاد مصطفى كمال إلى إظهار حقيقته وكشف عن سوء طويته حيث ذهب يحارب العلماء ويقتلهم وأزال الشريعة الإسلامية وأحل محلها الشرائع الوضعية الكافرة.

 





نعود إلى ما نحن بصدده. فقد انتقل غلام أحمد إلى دلهي فواجه العلماء بالإنكار ودعوه للمناظرة فأبى ودعاهم للمباهلة.

 





- ثم في سنة 1892 م ذهب إلى لاهور من أجل الدعوة إلى عقيدته فناظره بعض العلماء وأنكروا عليه أيضاً.

 





- وفي سنة 1896 م عقد مؤتمر الأديان في لاهور وحضره ممثلو ملل كثيرة، يقول محمود بن غلام أحمد القادياني: إن غلام أحمد هو الذي اقترح عقد هذا المؤتمر ليعرف العالم بحقيقة رسالته.

 





- وفي سنة 1897 م دعا "حسين كامي" سفير الدولة العثمانية في البنجاب غلام أحمد للاجتماع فلم يجبه، فذهب إليه بنفسه وسمع منه ما يدعيه من نزول الوحي، ثم نشر بعد ذلك مقالاً أنكر فيه دعوة غلام أحمد، وزاد هذا من حنق المسلمين عليه.

 





- وفي تلك السنة نشر غلام أحمد خطاباً إلى علماء الإسلام يدعوهم فيه أن يكفوا عن معارضته مدة عشر سنين حتى يتبين صدقه من كذبه، ولكن هذه المكيدة لم تنطل على علماء المسلمين، فرفضوا هذا الاقتراح واستمروا على تفنيد آرائه وتحذير الناس منه.

 





ثم في سنة 1898 م أمر أتباعه أن لا يزوجوا بناتـهم لمن لم يصدق بنبوته.

 





- ثم في سنة 1900 م أظهر تكفيره للمسلمين حيث لم يصدقوا بنبوته فقد جاء في إلهامه نشره في ذلك العام "الذي لا يتبعك ولا يدخل في بيعتك ويبقى مخالفاً لك عاص لله ولرسوله وجهنمي".

 





- ثم في سنة 1905 م أسس مدرسة دينية عربية في قاديان لتخريج دعاة لنشر عقيدته، وصار يرسل دعاة له إلى خارج الهند.

 





- مات غلام أحمد سنة 1908 م في لاهور ثم نقلت جثته إلى قاديان ودفن فيها.

 





نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين:

 





تكرر ذكر المباهلة في مؤلفات غلام أحمد ودعا خصومه إليها، ويزعم أنـها تجري بينه وبين المنكرين عليه فيكون الظفر له. ورب حتف امرئ فيما تمناه، فأراد أن يسلك طريق المباهلة مع أحد الأولياء الصالحين، مع الشيخ العلامة "ثناء الله الأمرشري" من علماء أهل الحديث، الذي نـهض بالرد على غلام أحمد ورمى دعاويه بالحجج الدامغة فكشف زيفه وهتك ستره. فتضايق غلام أحمد من العلامة ثناء الله وكتب إليه خطاباً فيه دعاه المباهلة، وفيما يلي نص الخطاب الذي كتبه غلام أحمد:

 





بسم الله الرحمن الرحيم

 





يستنبؤنك أحق هو؟ إي وربي إنه لحق (كذا!!).

 





حضرة المولوي ثناء الله، السلام على من اتبع الهدى.

 





إن سلسلة تكذيبي جارية في جريدتكم "أهل الحديث" من مدة طويلة، أنتم تشهدون فيها أني كاذب دجال مفسد مفتر، ودعواي للمسيحية الموعودة كذب وافتراء على الله.

 





إني أوذيت منكم إيذاء وصبرت عليه صبراً جميلاً، لكن لما كنت مأموراً بتبليغ الحق من الله وأنتم تصدون الناس عني فأنا أدعو الله قائلاً: يا مالكي البصير القدير العليم الخبير تعلم ما في نفسي إن كان دعواي للمسيحية الموعودة افتراء منه وأنا في نظرك مفسد كذاب والافتراء في الليل والنهار شغلي فيا مالكي أنا أدعوك بالتضرع والإلحاح أن تميتني قبل المولوي ثناء الله واجعله وجماعته مسرورين بموتي، يا مرسلي أدعوك آخذاً بحظيرة القدس لك أن تفصل بيني وبين المولوي ثناء الله، أنه من كان مفسداً في نظرك كاذباً عندك فتوفه قبل الصادق منا((ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين)).

 





ربيع الأول 1325              الراقم عبد الله الصمد

 





  مرزا غلام أحمد المسيح الموعود

 





 عافاه الله وأيد عزه

 







 





خطاب المباهلة هذا صدر من غلام أحمد في شهر ربيع الأول سنة 1325 هـ الموافق 15 أبريل سنة 1907 م.

 





لكن مجيب الدعاء - سبحانه وتعالى- أهلك غلام أحمد بعد سنة من تاريخ تلك المباهلة أي سنة 1908 م، وأما الشيخ ثناء الله الأمرشري فقد عاش بعدها أربعين سنة، وكانت وفاته سنة 1948 م، وهو في الثمانين من عمره رحمة الله عليه.

 





قال - تعالى -: ((الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)))[آل عمران].

 





حادثتان مشهورتان:

 





          في سنة 1935 م أصدرت محكمة بـهاولبور بعد مناقشة وجلسات مطولة دامت حولين كاملين اشترك فيها كبار علماء أهل السنة وكبار شخصيات القاديانية حكمها بكفر الطائفة القاديانية وبارتداد القادياني عن الإسلام.

 





تم ذلك بعد أن استعرض قاضي المحكمة حينها "محمد أكبر خان" دلائل الفريقين وناقشتها في نحو مائة وخمسين صفحة ثم نشرت باللغة الأردية[1].

 





استقلت باكستان عن الهند سنة 1947 م لتكون دولة إسلامية تظهر فيها شعائر الإسلام وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وضحى المسلمون من أجل ذلك بالنفس والنفيس والغالي والرخيص، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تولى الزعامة في باكستان "محمد علي جناح" وهو من طائفة الإسماعيلية "الآغاخانية"، واستلم منصب وزارة الخارجية شخص من القاديانية يدعى "ظفر الله خان"، ولم يتم الأمر بتلك البساطة بل بمكر وكيد ودهاء.

 





فصارت للقاديانيين قوة سياسية كبيرة في باكستان، حيث انتهز "ظفر الله خان" فرصة سلطته في وزارة الخارجية فعين في معظم مكاتب الوزارة شخصيات قاديانية، وكذلك شحن السفارات الباكستانية في مختلف العواصم من هؤلاء، ثم استطاعوا الوصول إلى مراكز حكومية مهمة وحساسة كالجيش والشرطة والطيران وغير ذلك. فصارت لهم قوة ظاهرة.

 





هذا الأمر أوقع في نفوس العلماء والمفكرين المسلمين القلق والهم والفزع، باكستان التي ضحوا من أجل استقلالها بأموالهم وأنفسهم تصبح في قبضة القاديانيين!!.

 





باكستان التي أنشئت لتكون أرض الطهارة ووطن المؤمنين بالله، يمتلك زمام الأمور فيها أتباع مدعى النبوة غلام أحمد!!.

 





          شعر العلماء بالخطر المحدق بباكستان من جراء تسلط القاديانية وقوة نفوذهم فاجتمع منهم ثلاثة وثلاثون ممثلاً من رؤساء الجمعيات الدينية وكبار علماء باكستان في شهر يناير 1953 م في مدينة كراتشي، وطلبوا من الحكومة أن تعامل القاديانيين كأقلية غير مسلمة وتعطي لها حقوقها على ضوء ذلك، لكن الحكومة تغافلت عن هذه المطالبة فاضطر العلماء إلى القيام بحركة شعبية ضخمة، فقامت الحكومة بقمع هذه الحركة وصبت جام غضبها على العلماء واعتبرت هذه الحركة ثورة على باكستان!!. وزجت بالآلاف من العلماء وطلبة العلم في السجون وبقي الحكم العسكري في البنجاب أكثر من شهرين، وقع خلالها من حوادث البطش والفتك ما يتعدى القياس.

 





          وقدمت الحكومة زعماء الحركة إلى المحكمة العسكرية وحكمت على بعضهم بالإعدام، وكان من بينهم الشيخ أبو الأعلى المودودي - رحمه الله - أمير الجماعة الإسلامية، ثم أبدل الحكم عليه بالسجن أربعة عشر عاماً. وذلك لأنه ألف رسالة بعنوان "المسألة القاديانية" بين فيها موقف القاديانية من الإسلام والمسلمين عرض فيها الأسباب التي حملت العلماء على تقديم اقتراحهم باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة، ونقل فيها من أقوال القاديانية وكتبهم ما تقوم به الحجة.

 





          ولكن وعد الله لابد أن يتحقق فإن العاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين وما النصر إلى من عند الله العزيز الحكيم، فقد تحققت مطالب العلماء ورغبة الجماهير المسلمة في عهد ذو الفقار علي بوتو، وتم تحجيم دور القاديانية في عهد ضياء الحق - رحمه الله -.

 





من عقائد القاديانية:

 





          يعتقد القاديانيون بأن النبوة لم تختم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بل هي مستمرة، ويرسل الله الرسل حسب الضرورة.

 





قال بشير الدين محمود أحمد بن ميرزا غلام أحمد في كتاب حقيقة النبوة: "ومما هو واضح كالشمس في رابعة النهار أن باب النبوة لا يزال مفتوحاً بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -"[2].

 





وقال: "لقد اعتقدوا أن كنوز الله قد نفذت وما قدروا الله حق قدره إنكم تتنازعون في نبي واحد وأنا أعتقد أنه سيكون هنالك ألف نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -"[3].

 





وكتب غلام أحمد القادياني: "أنا نبي وفقاً لأمر الله وأكون آثماً إن أنكرت ذلك، وإذا كان الله هو الذي يسميني بالنبي فكيف لي أن أنكر ذلك؟ إنني سأقوم بـهذا الأمر حتى أمضي عن هذه الدنيا"[4].

 





- يكفرون المسلمين: قال بشير الدين محمود أحمد في كتاب "أنوار خلافت": "من الواجب علينا ألا نعتقد بإسلام غير الأحمديين وألا نصلي خلفهم إذ إنـهم عندنا كافرون بنبي من أنبياء الله"[5].

 





وقال: "إن جميع المسلمين الذين لم يشتركوا في مبايعة المسيح الموعود كافرون خارجون عن دائرة الإسلام ولو كانوا لم يسمعوا بالمسيح الموعود"[6].

 





يخالفون المسلمين في كل شيء: ومن كلام غلام أحمد القادياني: "إننا نخالف المسلمين في كل شيء في الله في الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة وبيننا وبينهم خلاف جوهري في كل ذلك"[7].

 





- يعادون المسلمين ويوالون المستعمرين: قال غلام أحمد القادياني: "لقد بالغت الحكومة البريطانية في الإحسان إلينا ولها عندنا أياد وأي أياد حتى إننا إن خرجنا من ههنا أي من حدود هذه الدولة لا يمكن أن نلتجئ إلى مكة ولا إلى قسطنطينية فكيف يمكن إذن أن يمر في خاطرنا شيء من سوء الظن بـهذه الحكومة"[8].

 





وقال: "فإن ديني الذي أنا أبديه للناس مرة بعد مرة هو أن الإسلام منقسم قسمين: الأول: أن نطيع الله، والثاني: أن نطيع الحكومة التي أقامت الأمن وأظلتنا بظلها وحمتنا من الظالمين وهذه الحكومة هي الحكومة البريطانية"[9].

 





وكتب في مقال له نشر في كتاب تعاليم المسيح المنتظر: "ونصيحتي لجميع أتباعي أن يبغضوا المولوية (علماء المسلمين) الذين يريقون الدم الإنساني تحت ستار الدين، ويأتون من الآثام أسوأها وراء حجاب التقوى، وعلى أتباعي أن يقدروا هذه الحكومة الإنكليزية ويظهروا لها شكرهم واعترافهم بالجميل بالولاء وحسن الطاعة"[10].

 





ومن الأمور الأخرى التي ينكرونـها وهي معلومة من الدين بالضرورة إسقاط فرضية الجهاد في سبيل الله، وأن عيسى - عليه السلام - لم يرفع بل مات على الأرض وإنكار الجن وإسقاط فريضة الحج مع الادعاء بأن دين الإسلام لم يعد صالحاً لهذا العصر[11].

 





وغير ذلك لهم من المعتقدات التي توجب كفرهم وردتـهم عن دين الإسلام، ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن من يدعي النبوة بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - يحكم بكفره وردته، ولذلك لم ينازع في كفر مسيلمة الكذاب أحد من الصحابة ثم قاتلوه، وكذلك حال (الأسود العنسي).

 





إلا أن الذي حال دون قتل غلام أحمد القادياني عناية الحكومة المستعمرة وحراستها له بالشرطة والجند حيثما حل وارتحل.

 





          فالقرآن والسنة وإجماع الأمة حجج دامغة على أن محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والمرسلين، قال - تعالى -: ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)).

 





          قال الإمام ابن كثير في تفسيره: "وقد أخبر الله - تعالى - في كتابه ورسوله في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل".

 





          وقال العلامة الألوسي في تفسيره: "وكونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين مما نطق به الكتاب وصدعت به السنة وأجمعت عليه الأمة فيكفر مدعي خلافه".

 





          وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة"، قال: "فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"[12].

 





ومن أشهر العلماء الذين تصدوا للقاديانية أو كتبوا عنها: العلامة الشيخ ثناء الله الأمرشري من علماء أهل الحديث، والشيخ عطاء الله البخاريالأمرشري، والعلامة المحدث أنور شاه الكشميري، والعلامة محمد إقبال، والشيخ أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، والشيخ محمد حسين البتالوي، والشيخ محمد علي المونكيري، والشيخ أبو الحسن الندوي، والشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ إحسان إلهي ظهير، وغير هؤلاء.

 





          والذي نخلص إليه بعد كل ما ذكرناه أن غلام أحمد القادياني شأنه كشأن مسيلمة الكذاب والأسود العنسي، وحركته الأحمدية أو القاديانية شأنـها كشأن الحركات الباطنية كالإسماعيلية وغيرها في القديم، وكالبابية والبهائية في العصر الحديث.

 





          ولا يخفى على طالب علم خطر هؤلاء على دين الإسلام والمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

 





----------------------------------------

 





[1] كان صديقي الفاضل الشيخ محمد بشير صاحب مكتبة دار العلم مشتغلاً بترجمة هذا الموضوع منذ سنين عدة، ولا أدري إن كان قد طبع الكتاب أم لا؟!.

 





[2] القادياني والقاديانية، ص 21، للشيخ أبي الحسن الندوي.

 





[3] المصدر السابق، ص 130، والمسألة القاديانية ص 28، لأبي الأعلى المودودي.

 





[4] المسألة القاديانية، ص 29.

 





[5] المصدر السابق، ص 32.

 





[6] المصدر السابق، ص 30.

 





[7] القاديانية ثورة على النبوة المحمدية، ص 14، لأبي الحسن الندوي.

 





[8] المسألة القاديانية، ص 40، لأبي الأعلى المودودي.

 





[9] المسألة القاديانية، ص 49، لأبي الأعلى المودودي.

 





[10] طائفة القاديانية، ص 76، للشيخ محمد الخضر حسين. لم أشر إلى أرقام الصفحات التي نقلوا منها ولا إلى أسماء الكتب على الأغلب لأن معظمها بالأردية، علماً بأن المصادر العربية التي ذكرتـها في هذه المقالة ونقلت منها قد ذكرت ذلك.

 





[11] "إحذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام"، د. سعد الدين السيد صالح، ص: 310 313.

 





[12] صحيح البخاري، رقم الحديث: 3534. 



» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.