« ج 1: المسيح عليه السلام وغلام أحمد (الجمع بين نقيضين) »






المسيح عليه السلام وغلام أحمد القادياني

 





جمع بين نقيضين !

 





أبو عبيدة محمود سعد مهران

 







 





مقدمة

 





          الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , اللهم يا مسبب الأسباب , ويا مفتح الأبواب , ويا دليل الحائرين , توكلت عليك يارب العالمين , وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصير بالعباد .

 





أما بعد ,,

 





          فلقد خرجت علينا هذه الأيام , إحدى القنوات الفضائية , تدعو إلى الإسلام على الطريقة القاديانية أو الغلامية الأحمدية , وهى التي تدعى إم تي إيه MTA3 أي تليفزيون المسلم الأحمدي , وتبث بعدة لغات منها العربية , كما أنهم قاموا بنشر تعاليمهم عبر شبكة المعلومات من خلال إنشاء موقع الجماعة الأحمدية باللغة العربية على شبكة المعلومات الدولية , وهذا ما يدعونا للرد على هذه الطائفة الغلامية القاديانية التي تزعم الإسلام , والإسلام منها بريء !

 





          ويبدو أن أتباع الغلامية القاديانية قد أخذوا مبدأ التقية من الروافض , فهم قد استطاعوا بمكرهم خداع بعض البسطاء من المسلمين عن طريق الرد على النصارى من خلال قناتهم العربية الفضائية , وظن بعض البسطاء أن هؤلاء يحملون راية الإسلام ويدافعون عنه , ولا يعلمون أن هؤلاء الغلامية وأمثالهم كانوا على الدوام يحملون راية النفاق والتكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته !

 





          ولهذا , رأيت أن أعرض شبهات الغلامية القاديانية وأبين وجهتها ثم أبين زيفها وبطلانها , ثم في النهاية أعرض بعض الفتاوى التي حكمت بكفر الغلامية القاديانية .

 





          ولم أتعرض لنشأة الغلامية القاديانية , فلقد كفانا علماء الإسلام ذلك , وأظهروا لنا أن الغلامية القاديانية ما هى إلا دعوة منحرفة عن الدين يحميها المستعمر ويشجعها .

 





          ولقد رأيت أن أقوم بنشر هذا البحث في منتدى أنا المسلم , الذي ندين له بالكثير , فأسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء , وأود أن أبين : أني لن أقبل الحوار مع أتباع الغلامية القاديانية إلا بعد الإنتهاء من عرض البحث , وأرجو من السادة المشرفين عدم السماح لأحد بالمقاطعة حتى يتم نشر البحث كاملا .

 





          كما أتوجه بالشكر من خلال منبر منتدى أنا المسلم , إلى قناة الحكمة الفضائية والقائمين عليها , فلقد قامت القناة في الفترة الأخيرة , بالرد على أتباع الغلامية القاديانية , فجزاها الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء .

 





          وأتوجه بالشكر إلى فضيلة الدكتور / جمال المركبي – حفظه الله – الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية , على مجهوده الطيب المبارك في الرد على أتباع الغلامية القاديانية من خلال مجلة التوحيد على مدار الأشهر الثلاثة السابقة , وكذلك من خلال قناة الحكمة الفضائية .

 







 





إن الدين عند الله الإسلام

 





إن الله سبحانه وتعالى ارتضى للبشرية منذ نشأتها دينًا واحدًا , وهو الإسلام , قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ }آل عمران19 . وقال تعالى : {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }آل عمران85 .

 





هذا الدين أرسل الله به المرسلين جميعًا , من أدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام , قال تعالى : {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }الشورى13 .

 





هذا الدين الذي جاء به محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم واضحًا جليًا , محفوظًا بحفظ كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9. فهو الدين الخالد , الذي استجابت وتستجيب له ملايين البشر , إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , ومنابع هذه الرسالة الخاتمة , من قرآن وسنة , ستظل تمد البشرية , والحياة والأحياء , بالحق الذي لا مرية فيه .

 





* نتوءات على جسد الإسلام

 







 





وعبر هذا الزمن الطويل , منذ بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة , والإسلام ينتشر , وتعلوا راياته , وتظهر منافعه , وتتأكد حاجة البشرية إلى هدايته ونظامه, وإن كان بين الحين والحين , تتسلل إليه عناصر غريبة عنه , في نشأتها ومنزعها ، أو تنبت في حقلة نابتة لا ينزعها إليه عرق , وتكون هذه وتلك فتنة , ما تلبث أن يظهر اعواجاجها , وتبين غرابتها , وتناقضها مع هذا الدين وتلك الرسالة .

 





وعبر القرون الاسلامية تعاني الأمة الإسلامية من تلك النتوءات , التي تظهر في جسمها وتعيش على حسابها , مما يتطلب أن تنتبه إليه , وأن تكون على يقظة تامة لتدفع هذا الغريب عنها .

 





* أصل دعوى الفرق الباطلة

 





يقول الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني فى تعليقه على حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه : " يكون في أخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم وآباؤكم فإياكم وإياهم , لا يضلونكم ولا يفتنوكم " ما نصه :

 





( وإن من أبرز علاماتهم أنهم حين يبدأون بالتحدث عن دعوتهم إنما يبتدئون قبل كل شيء بإثبات موت عيسى عليه الصلاة والسلام , فإذا تمكنوا من ذلك بزعمهم انتقلوا إلى مرحلة ثانية وهى ذكر الأحاديث الواردة بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام , ويتظاهرون بالإيمان بها , ثم سرعان ما يتأولونها , ما دام أنهم أثبتوا بزعمهم موته , بأن المقصود نزول مثيل عيسى ! وأنه غلام أحمد القاديانى ! و لهم من مثل هذا التأويل الكثير والكثير جدًا , مما جعلنا نقطع بأنهم طائفة من الباطنية الملحدة ) ( شرح العقيدة الطحاوية - محمد ناصر الدين الألبانى ص22-23 ) .

 





* إدعاء غلام أحمد (1839-1908م ) أنه المسيح عليه السلام

 





يقول غلام أحمد : " محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي هو أول كليم , وسيد الأنبياء لقمع الفراعنة الأخرين ... فكان لا بد أن يكون بعد هذا النبي الذي هو في تصرفاته مثل الكليم ( يقصد موسى عليه السلام ) ولكنه أفضل منه , من يرث قوة مثل المسيح وطبعه وخاصيته , ويكون نزوله في مدة تقارب المدة التي كانت بين الكليم الأول والمسيح ابن مريم , يعني في القرن الرابع عشر الهجري وقد نزل هذا المسيح وكان نزوله روحانيا (يقصد أنه هو المسيح ) " ( " فتح إسلام ص 6- 7 " من كتابات غلام أحمد ).

 





ويقول أيضًا في كتابه " توضيح المرام " ص 4 : " وأنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام على طريقة الاستعارة بقدوم مثيل المسيح , وأن هذا العاجز هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام " .

 





((الأدلة الجامعة على أن غلام أحمد ليس المسيح عليه السلام))

 





أولاً

 





عودة المسيح ليست عودة روحانية أو مثيلية بل جسمانية ذاتية !

 





          يقول العظيم أبادي في كتابه " عون المعبود " 11/457 : ( تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم من السماء بجسده العنصري إلى الأرض عند قرب الساعة ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ) .

 





          لقد زعم غلام أحمد أنه مثيل للمسيح عليه السلام وأولَ آحاديث نزول المسيح عليه السلام تأويلاً باطنياً لا يقبله من له مسحة من عقل !

 







 





والأدلة على كذبه نبينها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد :

 





1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري ومسلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً ..."الحديث , فذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسيح بـ "ابن مريم" , أي أن المسيح الذي سينزل في أخر الزمان هو المسيح ابن مريم الذي بشر بين بني اسرائيل منذ ألفي عام , أي أن نزوله نزولاً ذاتيًا جسمانيًا , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " ابن مريم" ولم يقل " مثيل المسيح " بل ذكره باسم أمه عليها الصلاة والسلام , فهل كانت أم غلام أحمد اسمها مريم ؟!

 





يقول غلام أحمد : " لإن عيسى الذي سيسمى نبيًا وتابعًا أيضًا للنبي صلى الله عليه وسلم ( يعني نفسه ) هو غير عيسى الذي كان في بني إسرائيل " ( البراهين الأحمدية , الجزء الخامس , الخزائن الروحانية ج21 ص 352 ) .

 







 





وهذا كذب صريح بينَّه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً ... " الحديث , ولايوجد ابن مريم إلا سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام الذي وعظ وبشر بين بني إسرائيل .

 





وإذا نظر القاريء إلى قول الغلام : ( لإن عيسى الذي سيسمى نبيًا ..... هو غير عيسى الذي كان في بني إسرائيل ) يحمل في طياته أن اسم غلام أحمد " عيسى " أيضًا , وهذا ما ذل فيه وأخطأ , ويأبى الله إلا أن يذل من عصاه , وربما بعد قراءة أتباع الغلام لهذا المقال لأولوا النص كما فعلوا في مسألة عودة المسيح والمهدي عليهما السلام , ولزعموا أن غلام أحمد اسمه عيسى أيضًا !

 





2- قال صلى الله عليه وسلم في تتمة كلامه الشريف : " ... فيكسر الصليب , ويقتل الخنزير , ويضع الحرب ..." الحديث , فهل هذا ما رأيناه من ميرزا غلام أحمد أم على النقيض ؟! أكسر الغلام الصليب أو قتل الخنزير ؟!

 





إن كسر الصليب على يد المسيح عليه السلام يحمل مدلولاً هامًا , وهو أن المسيح عليه السلام لن يوالي عباد الصليب , فهل هذا ما فعله ميرزا غلام أحمد ؟!

 





* إلغاء الجهاد !

 





يقول غلام أحمد : " لا يمكنني أن أقوم بعملي هذا خير قيام في مكة ولا في المدينة ولا في الروم ولا في الشام ولا في فارس ولا في كابل ولكن تحت هذه الحكومة التي ادعوا لها دائما بالمجد والإنتصار " !!( " تبليغ الرسالة ج6 ص 69 " ) .

 





ويقول أيضًا : ( وإني لأقول وأدعي أنني أكثر المسلمين اخلاصًا ونصحًا للحكومة البريطانية , لأن هناك ثلاثة أمور قد جعلتني أرتفع في اخلاصي لتك الحكومة إلى الدرجة الأولى , وأول تلك الأمور : نفوذ المغفور له والدي , وثانيهما : أيادى هذه الحكومة العالية , وثالثها : الإلهام من الله تعالى - !- ) ( ترياق القلوب ص 309 , 310 ) .

 





ولقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه عند عودة المسيح عليه الصلاة والسلام سيضع الحرب , بمعنى أن عهده سيكون عهد سلام وأمن وظهور البركات , لكن هذا بعد أن ينهي عدة معارك مع الدجال وأتباعه , كما جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في صحيح مسلم في ذكر الدجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ودعائه عليهم وهلاكهم !

 





لكن غلام أحمد استغل هذا الأمر في أن يدعي أنه بنزول المسيح ستوضع الحرب بمعنى إلغاء الجهاد , وذلك كله خدمة لأتباع الدجال !

 





يقول غلام أحمد : " وإني لعلى يقين بأنه بقدر ما يكثر أتباعي يقل المعتقدون بمسألة الجهاد, فإنه مجرد الإيمان بي هو إنكار للجهاد " ( تبليغ الرسالة ج7 ص17 ).

 





ويقول أيضًا : " والمأمول من الحكومة أن تعامل هذه الأسرة ( يعني أسرته ) التي هى من غرس الإنجليز أنفسهم ومن صنائعهم بكل حزم واحتياط وتحقيق رعاية وتوصي رجال حكومتها أن تعاملني وجماعتي بعطف خاص ورعاية فائقة ..." ( تبليغ الرسالة ج 7 ص 19 – 25 " ) .

 





ويقول أيضًا : " لقد ألفت عشرات من الكتب العربية والفارسية والأردرية أثبت فيها أنه لا يحل الجهاد أصلاً ضد الحكومة الإنجليزية التي أحسنت إلينا , بل بالعكس من ذلك , يجب على كل مسلم أن يطيع هذه الحكومة بكل اخلاص , وقد انفقت على طبع هذه الكتب أموالاً كبيرة , وأرسلتها إلى البلاد الإسلامية ,وأنا عارف أن هذه البلاد ( الهند) وكون أتباعي جماعة تفيض قلوبهم اخلاصًا لهذه الحكومة والنصح لها , انهم على جانب عظيم من الإخلاص , وأنا أعتقد أنهم بركة لهذه البلاد . ومخلصون لهذه الحكومة ومتفانون في خدمتها " ( مقدمة الرسالة إلى الحكومة الإنجليزية ) .

 





ويقول أيضا : " لقد قضيت عمري في تأييد الحكومة الإنجليزية ونصرتها , وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولى الأمر الإنجليز من الكتب والإعلانات والنشرات ما لو جمع بعضها إلى بعض لملأ خمسين خزانة , وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد الإسلامية ومصر والشام وتركيا , وكان هدفي دائما أن يصبح المسلمون مخلصين لهذه الحكومة , وتمحى من قلوبهم قصص المهدي السفاك والمسيح السفاح والأحكام التي تبعث فيهم عاطفة الجهاد وتفسد قلوب الحمقى " ( ترياق القلوب ص 12 ) .

 





ويقول أيضا : " ها قد انتهت الحروب الدينية حسبما كان مذكورا في الأحاديث النبوية من أن المسيح إذا نزل وضع الحرب , وبناء عليه , فالقتال في سبيل الدين اليوم حرام , والذي يشهر السيف الآن باسم الدين ويسمي نفسه غازيا ويقتل الكفار , فإنما يعصي الله ورسوله " ( الخطبة الإلهامية ص 9 ) .

 







 





ويقول في موضع آخر : " لقد ألغي الجهاد في عصر المسيح الموعود إلغاء باتا , لقد آن أن تفتح أبواب السماء وقد عطل الجهاد في الأرض وتوقفت الحروب كما جاء في الأحاديث, إن الجهاد لدين يحرم في عهد المسيح " ( الأربعين ص 199 ) .

 





ثم لخص موقفه وموقف أتباعه من قضية الجهاد فقال : " إن الفرقة الإسلامية التي قلدني الله إمامتها وسيادتها , تمتاز بأنها لا ترى الجهاد بالسيف ولا تنتظره , بل إن الفئة المباركة لا تستحله سرا كان أم علانية وتحرمه تحريما باتا " ( الأربعين ص 11 ) .

 





ففي هذا الوقت العصيب الذي كانت تمر به الآمة الإسلامية التي كانت أحوج ما تكون إلى داعية يوحد شملها ويوحد صفوفها ضد العدو الغاصب , انبعث ذلك الصوت المميت القاتل لقوى الأمة , مطالبا بإبطال الجهاد بدلا من بعث الأمة وجمع شملها وتعبئتها ضد المعتدين !

 





ولقد عبر الزعيم الهندي نهرو عن الدور التخريبي الذي قام به الغلام وجماعته لخدمة الأهداف الإستعمارية حيث قال بعد عودته من بريطانيا : " إنني في سفري هذا أخذت درسا جديدا , وهو أننا إذا أردنا أن نضعف قوة بريطانيا في الهند علينا أن نضعف الجماعة القاديانية " ( د.أحمد عوف : القاديانية , الخطر الذي يهدد الإسلام ص 101 ) .

 





فكيف يكون هذا إمام أخر الزمان ؟ إنه إمام الذل والخيانة والنفاق !

 





3- ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في تتمة الحديث ما سيحدث في عهد عيسى عليه السلام : " ويفيض المال , حتى لا يقبله أحد " , وهذا من بركاته عليه السلام لخدمة مصالح المسلمين يومئذ , فهل رأينا هذا من غلام أحمد أم رأينا أنه يجمع المال ليعيش حياة الترف والبذخ لا لخدمة المصالح العامة للمسلمين ؟!

 





يقول غلام أحمد : " ولكن الله الذي يرفع الفقراء من الحضيض قد أخذ بيدي , وأنا أؤكد أن ما جاءني من الوارد ومن الإعانات والتبرعات إلى هذا الوقت لا يقل عن ثلاثمائة ألف روبية وربما يزيد على ذلك , وانهالت على الهدايا كأنها بحر تهيج فى كل آن أمواجًا ... كذلك تأتي لهذا العبد من كل طرف تحائف وهدايا وأموال , وأنواع لهذه الأشياء " (الإستفتاء ص25) .

 





ولقد كانت جماعته تقتطع من أموالها لإرسالها له , وقد شهد بذلك " سرور شاه القادياني" في كتابه " كشف الإختلاف " .

 







 





4- صفة عيسى عليه السلام التي جاءت في الأحاديث النبوية الشريفة تفيد أنه رجل , مربوع القامة , ليس بالطويل ولا بالقصير , أحمر , جعد , عريض الصدر سبط الشعر , كأنما يخرج من ديماس ( أي حمام ) له لِـمة ( أي شعره يجاوز شحمة أذنيه ) قد رجلَّها تملأ ما بين منكبيه .

 





أما غلام أحمد فحسبنا هذه الصورة له , فأجيبونا أيها القاديانية الغلامية , هل هذا ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم ؟! ( نقلا عن موقع القاديانية على شبكة المعلومات الدولية ) .

 





5- ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان في صحيح مسلم أن المسيح عليه الصلاة والسلام : " ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق , بين مهرودتين , واضعًا كفيه على أجنحة ملكين " , فهل نزل ميرزا غلام أحمد عند المنارة البيضاء شرقي دمشق على الوصف الذي بينه الذي لا ينطق عن الهوى ؟ أم أن دعوته كانت في قاديان بالهند ؟

 





6- لقد وردت أحاديث كثيرة فيها نزول المسيح عليه السلام , نزولاً حقيقًا لا مثيليًا , وأن النازل هو المسيح عيسى بن مريم الذي بشر بين بني إسرائيل لا غيره , وقد سرد أكثر هذه الأحاديث في ذلك ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقول الله تبارك وتعالى : {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً}النساء 159 , ومنها حديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة وفيه : فتح القسطنطينية ثم خروج الدجال , وبعده نزول عيسى وقت إقامة الصلاة .

 





          كما روى ابن ماجة عن أبي أمامة الباهلي أن أم شريك بنت أبي العكر سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسلمين أثناء فتنة الدجال فقال صلى الله عليه وسلم : " هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى يصلي بالناس فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم " .

 





          وكذلك أيضًا ما رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود وفيه : " أن الأنبياء تذاكروا الساعة فقال عيسى عليه السلام : أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله ذلك , وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج , ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص , فيهلكه الله حتى إن الحجر والشجر ليقول يا مسلم إن تحتي كافرًا فتعال فاقتله , فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم قال فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيطئون بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس إلي

فيشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم , فينزل الله عز وجل المطر فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر " .

 





فأين هذا من سيرة الغلام ؟!

 





7- يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه : ( ليس بيني وبينه نبي - يعني عيسى - وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ) .

 





وهذا الغلام لم يكسر صليبًا ولم يقتل خنزيرًا , ولم يهلك الله الملل في زمانه , بل على النقيض من ذلك , بل ازدادت شوكة أهل الكفر في زمانه , فإن دول البلقان النصرانية في عهده ما ظهروا على العثمانيين في مكان إلا وأسرفوا في قتل الكبار والصغار , والنساء والأطفال , ونسف ديارهم بالديناميت أو إحراقهم بالنار , بعد سلب الأموال وهتك الأعراض , وقد كان كل هذا يُعمل باسم الصليب ورفع شأنه , فأين القادياني مما ورد من كسر المسيح عليه السلام للصليب , وما كان القادياني إلا خاضعًا لدولة من دول الصليب ( بريطانيا ) , كما أنه مات عن عمر يناهز التاسعة والستين عامًا في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المسيح عليه السلام سيتوفى عن عمر يناهز أربعين سنة !

 





( ملحوظة : هناك روايات تشير إلى أن المسيح عليه السلام سيمكث في الأرض بعد عودته سبع سنين , وهذا لا يتعارض مع الروايات التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن المسيح سيتوفى عن عمر يناهز أربعين سنة , لأنه عليه السلام رفع وهو ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة وسيمكث بعد عودته سبع سنين فيكون المجموع أربعين سنة ) .

 





8- يرتبط بالنقاط السابقة نتيجة هامة وهى : أن المسيح ينزل ولا يولد , لأن معظم الأحاديث النبوية الواردة في نزول المسيح لا تترك مجالا لشخص يولد في هذا الزمن من بطن أمه ونطفة والد ثم يقوم بين الناس يدعي أنه ذلك المسيح الذي أخبر بمجيئه سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما الذي تدل على نزوله دلالة واضحة قاطعة , هو عيسى ( عليه السلام ) ذلك المسيح الذي ولد قبل أكثر من ألفي سنة من بطن مريم عليها السلام بغير أب .

 







 





9- من النقاط السابقة أيضا يظهر من صريح أقوال النبي صلى الله عليه وسلم أن المسيح ينزل فقط لقمع فتنة الدجال , حيث يدخل في جماعة المسلمين ويسلم بقيادة من يكون في زمانه أميرا لهم ويشاركه في مهمة قمع فتنة المسيح الدجال , والأمير الإمام المذكور في الروايات هو المهدي عليه السلام , وقد ورد ذلك صريحا في مسند الحارث بن أسامة بسنده عن جابر بن عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى بن مريم , فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا , فيقول لا , إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " . قال ابن القيم : إسناده جيد .

 





فهل دخل غلام أحمد في جماعة المسلمين أم أراد تفريق الجماعة خدمة للصلبيين ؟!

 





          يقول نجل الغلام وخليفته " بشير الدين محمود " معلنا إنشقاق الغلام وأتباعه عن جماعة المسلمين : " من الواجب علينا ألا نعتقد بإسلام غير الأحمديين , وألا نصلي خلفهم , إذ أنهم عندنا كافرون بنبي من أنبياء الله – يعني الغلام – " ( أنوار خلافت ص 89 ) .

 





          ويقول " بشير الدين محمود " : ( وقد أبدى المسيح الموعود – يعني الغلام – سخطه العظيم على أحمدي يريد أن يزوج ابنته من رجلا من غير الأحمديين ... ثم إن هذا الرجل زوج ابنته بعد وفاة المسيح الموعود رجلا من غير الأحمديين , فعزله الخليفة الأول عن إمامة الأحمديين , ولم تقبل له توبة في ست سنين من سني خلافته مع أنه لم يزل يتوب من فعلته مرة بعد مرة ) ( أنوار خلافت ص 94 ) .

 





          كما أن الناظر إلى الأحاديث الشريفة يجد أن المهدي عليه السلام له شخصيته المستقلة , وأعماله المميزة , وكذا المسيح عليه السلام , لكن غلام أحمد زعم أنه المسيح الموعود والمهدي في نفس الوقت , في حين أن النبي عليه الصلاة والسلام بين أن المسيح والمهدي عليهما السلام شخصان مختلفان !

 





          وقد استدل الغلامية بحديث : " لا المهدي إلا عيسى " . وهؤلاء الأحمدية أتباع الغلام يستدلون بالأحاديث وفق الأهواء والأغراض , ولا ينظرون إلى أقوال علماء الجرح والتعديل !

 





          إن من الضلال البيِّن والخطأ الواضح اعتقاد أن عيسى عليه السلام هو المهدي المنتظر، والحديث المذكور لا يصح ، بل هو حديث منكر ، حكم بنكارته جمع من الأئمة، منهم النسائي والذهبي والألباني، وضعفه الحاكم والبيهقي والقرطبي وابن تيمية ، بل حكم بوضعه الصنعاني . ( انظر: منهاج السنة 8/256، والصواعق المحرقة للهيتمي 2/476، والسلسلة الضعيفة 77 ) .

 





10- ظهر من الأحاديث الشريفة أيضا أن المسيح عليه السلام عندما ينزل لا يؤم الناس في الصلاة بل يصلي خلف إمامهم حتى لا يظن الظانون أنه تولى المنصب الذي كان عليه قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم , وحتى يقطع كل شبهة بأنه قد نزل لاستئناف واجبات النبوة في عهده السابق , في حين أن هذا الغلام زعم في غير موضع من كتبه أنه صاحب شريعة , وأمر ونهي , وأنه نبي مستقل , وسيأتي بيان ذلك .

 





          كما أنه من المعلوم من دين محمد صلى الله عليه وسلم , أن الله تبارك وتعالى قد أكمل له الدين , ليكون الرسالة الخاتمة , ومنهج حياة , ومن زعم أنه آتى ليكمل الدين بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فقد اتهم الله بالكذب على خلقه , قال تعالى : ** الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3 .

 





          بل واتهم النبي عليه الصلاة والسلام بالخيانة والتقصير في البلاغ عن ربه, أليس هو القائل صلى الله عليه وسلم: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا, كتاب الله وسنتي " ( أخرجه الحاكم في المستدرك ).

 





ولقد اتهم هذا الغلام الله ورسوله على النحو الذي ذكرناه , فزعم النبوة وأنه جاء لإظهار الإسلام وصدق النبي عليه الصلاة والسلام ( الخزائن الروحانية 23 / 341 ) .

 





          وقد استغل الغلام هذه الدعوى فبدل وغيّر , وزعم شريعة ما أنزل الله بها من سلطان , بل جعل الإسلام دين التأويل والتبديل , وأراد هدم السنة المطهرة , بتأويلاته الفاسدة , وبوحيه الشيطاني !

 





          يقول العلامة / محمد رشيد رضا : ( غلام أحمد القادياني هذا لا يوثق بنقله ولا بعقله كما يعلم من كتبه المتناقضة , وقد كان يدعي أنه هو المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام – التي أنبأت بأنه سينزل في آخر الزمان من السماء وأنه يوحى إليه , ونشر من وحيه الشيطاني في كتبه كثيرًا من النثر والشعر السخيف , ويتأول الأحاديث الواردة في المسيح تأويلات لا تقبلها اللغة العربية أن تدخل في باب من أبواب الحقيقة ولا المجاز ولا الكناية , وإنما عنى بما نقله عن مقبرة كشمير , لأنه يستدل بها على زعمه أنه هو المسيح المنتظر , وقد فندت دعواه الخرافية في مقالات نشرتها في المنار , كان لها تأثير عظيم في الهند , ونقلتها الجرائد وترجمتها , واضطر هو إلى الرد عليها بل الهجاء لي بوحيه الشيطاني بما يسخر منه العقلاء , وكان داعية للدولة البريطانية يمدحها ويقول بوجوب حبها والخضوع لها وتحريم عصيانها والخروج عليها , وبهذا تيسر له جمع ثروة كبيرة وعصبية وأتباع يفرقون كلمة المسلمين ويدعون الناس إلى الإيمان بنبوته ومسيحيته , وقد أفتى علماء المسلمين بكفره وكفرهم كفانا الله شرهم ) ( عقيدة الصلب والفداء ص 42 ) .

 





ثانيًا : الشريعة التي زعمها غلام أحمد !

 





زعم غلام أحمد أنه رسول مرسل من عند الله وأن شريعته لا تخالف شريعة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم , وأن نبوته من بركات فيوض النبي صلى الله عليه وسلم ( الخزائن 23/341 )

 





لكن دعواه سريعًا ما ذهبت أدراج الرياح خاصة بعد أن نشر مذهبه الباطني !

 





          لقد بينت الأحاديث الشريفة المتواترة في نزول عيسى عليه الصلاة والسلام أنه لن يأتي بأي شرع جديد بل سيأتي تحت لواء محمد صلى الله عليه وسلم , ولذلك ادعى غلام أحمد في بداية دعوته أنه لم يأت بشرع جديد , لكن بعد أن وجد لدعوته عقولاً خربة مؤهلة لقبولها , وبدأ نجمه في الإزدهار , كشف عن حقيقة دعواه , وأخذ يهذي بوحيه الشيطاني , فأخضع القرآن والسنة للتأويل الفاسد , وألغى الجهاد ضد الإنجليز , وجعل الإيمان به مدار النجاة في الآخرة .

 





          يقول الغلام : " إننا نخالف المسلمين في كل شيء , في الله , في الرسول – صلى الله عليه وسلم - , في القرآن , في الصلاة , في الصوم , في الحج , والزكاة " ( لسان حالهم : صحيفة " الفضل " عدد 30 يوليو 1931م ) .

 





          ويقول أيضا : ( إن وحيي يشتمل على الأمر والنهي ) ( الأربعين رقم 4 ص 6 ) .

 





          ويقول في الصفحة الأولى من رسالته " تحفة الندوة " التي وجهها إلى أعضاء ندوة العلماء عام 1902م :

 





          " أيها الناس عندي شهادة من الله فهل أنتم تؤمنون ؟ أيها الناس عندي شهادات من الله فهل أنتم تسلمون ؟ وإن تعدوا شهادات الله لا تحصوها فاتقوا الله أيها المستعجلون . أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون , إنا نصرنا من ربنا ولا تنصرون من الله أيها الخائنون " .

 





          لقد بدأ غلام أحمد دعوته من خلال كتاب " براهين أحمدية " والذي زعم فيه : أن الروضة الإنسانية كانت لا تزال ناقصة وقد تمت بأوراقها وأثمارها بقدومه . ( براهين أحمقية ج5 ص113 ) .

 





ويقول في كذب واضح , وشطح ناضح : ( لقد أعطيت نصيبا من جميع الحوادث والصفات التي كانت لجميع الأنبياء , سواء كانوا من بني إسرائيل أو من بني إسماعيل , وما من نبي إلا أوتيت قسطا من أحواله وحوادثه ... لقد أراد الله أن يتمثل جميع الأنبياء والمرسلين في شخص رجل واحد وإني ذلك الرجل ) ( المصدر السابق ص 98 , 90 ) .

 





          ويقول أيضا : ( إن الله بعث في هذه الأمة مسيحا موعودا هو أعلى مرتبة وشأنا من المسيح السابق , والذي نفسي بيده لو كان المسيح ابن مريم في زمني لما استطاع إنجاز ما أستطيع إنجازه , ولما قدر على إظهار آيات تظهر مني ) ( الخزائن الشيطانية ج22 ص 152 ) .

 





          ثم أخذ بعد ذلك من خلال كتبه في أن يزعم أنه آتى على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم , وسنستعرض بعضا مما جاء في شريعته المخالفة لهدي القرآن الكريم والسنة النبوية

 





- خاتم النبيين !

 





          يزعم غلام أحمد أن النبوة لم تختم بمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وفي هذه الدعوى الكذب الواضح على الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . بل ويزعمون أن السيدة عائشة رضوان الله عليها قالت : " قولوا خاتم النبيين ولا تقولوا لا نبي بعده " . وهذا كذب على السيدة عائشة !

 





يقول الله تبارك وتعالى : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40 .

 





          وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء , كلما هلك نبي خلفه نبي , وأنه لا نبي بعدي " . وهذا الحديث يبين أن أنبياء بنو إسرائيل خلفوا بعضهم بعضا , أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يخلفه نبي أبدا .

 





ولقد قال صلى الله عليه وسلم : " لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب " ( رواه الترمذي وحسنه , وصححه الألباني في الجامع الصغير ) .

 





          فعلم من ذلك الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا نبي بعده , سواء كان في نفس درجته أو أقل من درجته , بل حتى ولو كان من أتباعه صلى الله عليه وسلم , وإلا لكان الفاروق أولى بالنبوة من الغلام , فهو الملهم الذي وافق الوحي رضي الله عنه !

 





وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية , فجعل الناس يطوفون به , ويعجبون له , ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة , قال : فأنا اللبنة , وأنا خاتم النبيين " . وفي رواية مسلم عن جابر رضي الله عنه : " فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء "

 





ولقد ذهب غلام أحمد إلى تأويل لفظة " خاتم النبيين " بأنها تعني أفضل النبيين وزينتهم !

 





          إن علماء اللغة يقولون : " الخاتم " بمعنى الآخر , كما في " لسان العرب " , وكذا قول ابن سيده في كتابه " المحكم" , والأزهري في " التهذيب " , ولم يذكر أحد من هؤلاء الأئمة أو غيرهم كصاحب الصحاح , وصاحب المصباح , وصاحب القاموس , وكذا صاحب أساس البلاغة : أن الخاتم يكون بمعنى الأفضل , والمفسرون بالإجماع يقولون : (خاتم النبيين ) أي آخرهم . وهذا فضلا عن الصحابة والتابعين الذين لم يرد عنهم أن الخاتم بمعنى الأفضل وليس الآخر !

 





          أما داعية القاديانية يزعم أن ( خاتم النبيين ) بمعنى زينتهم , أو سيدهم , أو أفضلهم , ولم يأت بشاهد على هذا من كلام العرب , أو من كتب اللغة , أو من أقوال أئمة التفسير , بل ذهب يعارض أئمة اللغة والتفسير بلغو من القول , كأنه لا يشعر أن القرآن الكريم قول فصل , وما هو بالهزل !

 





          بل إن دعواه هذه , اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بالتضارب والهذيان , والخيانة والكتمان !

 





فهو يقول لنا , أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال : " لا نبي بعدي " كان يعني أن هناك نبيا بعده !

 





قال ابن عطية في تفسيره : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40 : " هذه الألفاظ عند جماعة علماء الأمة خلفا وسلفا متلقاة على العموم التام , مقتضية نصا : أن لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم". ( المحرر الوجيز 5/242 ) .

 





وقال الإمام ابن كثير في تفسيره : " وقد أخبر الله تعالى في كتابه , ورسوله في السنة المتواترة عنه : أنه لا نبي بعده , ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده , فهو كذاب أفاك دجال مضل " . ( تفسير القرآن العظيم 6/205 ) .

 





          وقال الإمام الآلوسي في تفسيره : " وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب, وصدعت به السنة , وأجمعت عليه الأمة , فيكفر مدعي خلافه , ويقتل إن أصر". ( روح المعاني 8/25 ) .

 





          لقد حارب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم , فلو كان الأمر كما زعم الغلام , ما حارب آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم مسيلمة وسجاح والأسود العنسي , وما قتل مصعب بن الزبير رضي الله عنه المختار بن أبي عبيد الثقفي , وما أباد صلاح الدين رضي الله عنه ملك عبد الله بن ميمون القداح !

 





          بل إن دعوى الغلام , اتهام للصحابة وآل بيته صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة المعصوم بسوء الفهم والضلال .

 





          يقول " بشير الدين محمود " نجل غلام أحمد وخليفته :

 





( لقد اعتقدوا أن كنوز الله قد نفدت , وما قدروا الله حق قدره , إنكم تتنازعون في نبي واحد – يعني غلام أحمد - , وأنا أعتقد أنه سيكون هنالك ألف نبي , بعد محمد صلى الله عليه وسلم ) ( أنوار خلافت ص 62 ) .

 





          لقد أحدث ذلك فوضى في " النبوة " وفقدت كلمة " النبوة " جلالتها وحرمتها وقداستها, وأصبحت ألعوبة وعبثا , وكثر المتنبئون في القاديانية ومدعو الإلهام , وقد عد منهم الأستاذ " محمد إلياس البرني " إلى عام 1355هـ سبعة أنبياء !

 





          لقد استدل الغلامية على صحة نبوة الغلام بعد قوله صلى الله عليه وسلم : "لا نبي بعدي" بعدة أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم , ومنها ما حرفوه عن مواضعه , أذكر منها :

 





1- "يا عباس أنت خاتم المهاجرين كما أنا خاتم النبيين " . ويقولون : هنا الخاتم بمعنى الأفضل , لأن الهجرة لم تختم بالعباس . وهكذا الغلامية يأتون بأحاديث مكذوبة ومنكرة , لإثبات صحة معتقدهم الفاسد !

 





والحديث في " ميزان الإعتدال " للذهبي , وفي " كنز العمال " لعلي المتقى الهندي , وفي إسناد هذا الحديث راويان أحدهما الحارث بن الزبير , قال فيه الأزدي : "ذهب علمه" (ميزان الإعتدال 1/433) .

 





والثاني إسماعيل بن قيس بن سعد، قال فيه البخاري والدارقطني: "منكر الحديث".

 





وقال النسائي وغيره: "ضعيف". ونقل بن القطان أن البخاري قال: "كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه" ( ميزان الإعتدال 1/6 ) .

 





          وقال ابن عدي : حدثنا أحمد بن الحسين الصوفي حدثنا سعيد بن سلمة الأنصاري حدثنا إسماعيل بن قيس حدثنا أبو حازم عن سهل عن سعد قال: "استأذن العباس النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فكتب إليه: يا عم، أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة". ثم قال بن عدي: "عامة ما يرويه منكر" ( ميزان الإعتدال 1/245 ) .

 





          وعلى سبيل التنزل يمكن أن يجاب عن ذلك أن العباس بن عبد المطلب هاجر قبيل فتح مكة إلى المدينة فصار خاتم المهاجرين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة لأنه لا هجرة بعد فتح مكة من مكة , كما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري : " لا هجرة بعد الفتح " . أي بعد فتح مكة , وإلى هذا المعنى يشير حديث سهل بن سعد: "يا عم أقم مكانك فإن الله يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة " على فرض صحته .

 





          فالمراد بخاتم المهاجرين آخر المهاجرين فلا يثبت دعوى الغلامية أن المراد بخاتم النبيين أفضل النبيين ، فهذا الإستدلال في غاية الوهن والفساد .

 





2- " لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا " ( أخرجه ابن ماجة ) . ويقولون : في هذا الحديث دلالة على إمكان النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , والجواب عن ذلك من وجوه :

 





أ- هذا الحديث حسب الإسناد في غاية الوهن والفساد ، فيه أبو شيبة بن إبراهيم بن عثمان ، قال السندي في تعليقه على سنن ابن ماجه: "وفي الزوائد في إسناده إبراهيم بن عثمان أبو شيبة قاضي واسط. قال فيه البخاري: "سكتوا عنه" ( السنن لابن ماجة 1/460 ) .

 





وقال ابن المبارك: "ارم به". وقال بن معي : "ليس بثقة". وقال أحمد: "منكر الحديث". وقال النسائي: "متروك الحديث" , وقال الذهبي : "كذبه شعبة"( ميزان الإعتدال 1/47).

 





فهذا الراوي متفق على ضعفه فكيف يحتج بروايته ؟!

 





ب- قد رويت آثار عن الصحابة تدل على خلاف ما استدل به الغلامية ، منها ما روى عبد الله بن أبي أوفى ، قيل له : "رأيت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مات وهو صغير ولو قضي أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي لعاش ابنه ولكن لا نبي بعده" ( رواه البخاري في صحيحه وابن ماجه وأحمد في مسنده ولفظه: "ولو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي ما مات ابنه إبراهيم" ) .

 





وعن أنس قال: "رحمة الله على إبراهيم لو عاش لكان صديقا نبيا" ( أخرجه أحمد بسند صحيح على شرط مسلم ورواه ابن ماجه في مسنده وزاد في روايته: "ولكن لم يكن ليبقى، لأن نبيكم آخر الأنبياء ". ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري وصححه 10 / 577 ) .

 





وهذه الروايات وإن كانت موقوفة فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها .

 





ج- إن كلمة " لو " لا تدل على الوقوع والثبوت كما ورد في القرآن الحكيم: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء22 .

يتبع في الجزء الثاني



» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.