هل العالم في حاجة إلى البهائية كما يدّعون

هل العالم في حاجة إلى البهائية كما يدّعون


 


إن من يستقرئ أدوار التطورات العقلية، والنظم الاجتماعية، والديانات السماوية، يجد أن كل تجديد في هذه المجالات نشأ عن حاجة ماسة إليه من الشعوب والأمم، وأن كل نجاح يصيبه دين من الأديان أو نظام من النظم يكون مناسباً للقدر الذي يحمله إلى الناس من الوفاء بتلك الحاجات: فقد نشأت الفلسفات والمذاهب متعاقبة، فكان كل متأخر منها يكمل نقصاً في سابقه، وجرت النظم الاجتماعية على هذا السمت نفسه، فكان منها سلسلة متتالية الحلقات تسد كل تالية منها خلة في سابقتها.


 


       وعلى هذا التدرج الطبيعي المطّرد تتابعت الديانات كل الإنسانية، فكانت كل واحدة منها تحمل للعالم نظاماً جديداً دعت الحاجة إليه، واقتضته الضرورة، ناسخة ما بطلت الحاجة إليه، أو ما كانت ضرورته محلِّية، وتزيد على ذلك بيان ما أخطأ البشر في فهمه من الوحي السابق عليها، أو تصحيح ما تعمدوه من تحريفه.


 


فمن يتأمل في الأديان السماوية الثلاث التي محص العلم تاريخها، وهي اليهودية والنصرانية والإسلامية، يجد هذه التجديدات المتعاقبة ماثلة فيها مثولاً محسوساً.


فموسى عليه السلام قضى على الوثنية في أمته، وجاء بشريعة هادمة لها، وكافح الضلالات التي كان يقول بها قومه كفاحاً شديداً، وبيّن أخطاءهم فيها بيانا صريحاً.


وعيسى عليه السلام أرسل لتعديل ما اعوج من أمر بني إسرائيل، وتصحيح ما تحرّف من أصولهم، مقرراً أصولاً جديدة دعت إليها ضرورة الاجتماع على عهده.


ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين قضى على الوثنية التي كانت سائدة في بيئته، وتصدى لليهودية والنصرانية، فرّدَّ أصولهما إلى حقائقها، وقوّم نظر الآخذين بها،  ونسخ ما بطلت الحاجة إليه منهما، ودعا العالم كله إلى وحدة الدين، ووحدة الوجهة والغاية، مؤسساً دعوته هذه على أصل لا يمكن أن يختلف فيه عاقلان، وهو أن الله واحد ودينه لجميع خلقه واحد.


فإن آنس ناقد أن الأديان متخالفة، فإنما حدث ذلك من فعل قادتها والقائمين بشرحها وتأويلها فطالب كل آخذ بها بالرجوع إلى أصلها وأصلها هو الإسلام الذي أوحي إلى كل الرسل السابقين، ثم إلى خاتمهم محمد على فترة منهم، وشفع هذا البيان الحاسم بنظام اجتماعي محكم، أقامه على الفطرة والعقل والعلم والأعلام الكونية، وأودع ذلك كتاباً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.


فهل العالم بعد هذا البيان في حاجة إلى البهائية؟ ما هي الأصول التي تسمح لها أن تطمح إلى قيادة العالم كله، وأن تقر بها السلام العام في الأرض؟


هي ما تحلم به من أنها تفسر غوامض المسائل الدينية، وتوفق بين نصوصها الكتابية من طريق صرفها عن ظواهرها زاعمة أنها ترمي بذلك إلى ربط الأمم برابطة أخوية مجردة عن الخلافات المذهبية. وقد رأينا أثر هذا في إفساد كيان الأديان وصرفها عن حقائقها الأولية.



جزى الله خيرا 

تاريخ الاضافة: 26-11-2009
طباعة