رأي الشيخ رشيد في البهائية

رأي الشيخ رشيد رضا في البهائية:


 


   كتب العلامة الشيخ /محمد رشيد رضا مقالات في الجزء العاشر من المجلد الثلث عشر في مجلة المنار الصادر في 30 شوال سنة 1328 تحت عنوان( عباس أفندي البابي البهائي)، فقال أثابه الله:


" البهائية فرقة من البابية رئيسها الآن عباس أفندي بن ميرزا حسين على الملقب بالبهاء، عبارة حقيقية، ويدينون بإلوهيته، وربوبيته ولهم شريعة خاصة بهم، وكان عباس أفندي محجوراً عليه في عكاء، فلما صارت الحكومة العثمانية دستورية تسنى له أن يخرج من عكاء وقد جاء الإسكندرية في هذا الشهر، ثم قال: إن عباس أفندي رجل سياسي يخاطب كل أحد بما يرى أن يرضيه ويعجبه، وكان منذ ثلاثين سنة يجيء بيروت فيصلي الصلوات الخمس مع المسلمين، وكلك كان يعامل المسلمين في عكاء، يجتمع بالعالم السنِّي فيوهمه أن فرقتهم لم يكن همها من الإصلاح إلا إزالة تعصب الشيعة، وتقريبهم من أهل السنة، والتوفيق بين الطائفتين، كما سمعت ذلك عنه من شيخنا الشيخ حسين الجسر، ودينه في الحقيقة مبنى على أصول الباطنية، الذين منهم الإسماعيلية والقرامطة والدروز والنصيرية، وهم يدْعون المسلمين إلى دينهم بدعوى أنهم منهم، ويزعمون أنهم يريدون أن يجعلوهم على بصيرة في دينهم مع أنهم وثنيون يعبدون البشر، ثم قال:


 


وكذلك يدعون النصارى بتسليم إلوهية المسيح، وادعاء أنه هو البهاء، وقد جعل قدماؤهم للدعوة أصول وأساليب بينها المقريزى ، وغيره من المؤرخين كالتشكيك في آيات القرآن، وتأويلها بما تتبرأ منه اللغة والدين، كتأويل البهائية السماوات السبع بالأديان، وتفسير { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ } بظهور البهاء وأتباعه فهو إلههم، وأتباعه ملائكتهم، وعندهم أن القيامة قد قامت بظهور الباب والبهاء ثم قال:


 


 • أما مسألة وحدة الإنسان ( التي يدعون إليها ) فإنما يعنون بها دعوة الناس إلى دينهم المبنى على عبادة البشر وتقديسهم، حتى قال داعيتهم أبو الفضل في أحد المناظرات العامة بمصر في البهاء "هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر"


 فتلَوْنا نحن فاصلة الآية له:" سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ "


 


والمسلمون يدعون إلى اتحاد البشر واتفاقهم على عبادة الله وتقديسه وحده، وجعلهم إخوة في الإسلام، لا يفرق بينهم تعصب لدين ولا جنس ولا لون ولا غير ذلك، والنصارى يدعون إلى وحدة الإنسان في النصرانية وعبادة المسيح (عبد الله ورسوله)، فبماذا  امتاز البهائية؟


 ألا فليعلم الناس أن هؤلاء الباطنية قد قصدوا بوضع تعاليمهم الأولى محو الإسلام وإزالة تعاليمه، وضعها بعض مجوس الفرس لما فتح السلمون بلادهم، وأزالوا ملكهم، واستعانوا بالشيعة، وهم حزب سياسي يرى أن الحكومة يجب أن تكون للأشراف من آل البيت، فصاروا يبثون دعوتهم في هذا الحزب، بحمله على الغلو في بغض عمر بن الخطاب الذي فتح بلادهم، وأبي بكر وجمهور الصحابة الذين كانوا أقرب إلى القول بحكومة الشعب ( الديمقراطية) وقد جاء هذان الحزبان في الإسلام، ووجد فيهم حزب الفوضوية أيضاً، وهم الخوارج، كما وجد ذلك عند غيرهم، لأن وجود هذه الأحزاب السياسية طبيعي في البشر، وكذلك خلق الغلو طبيعي في البشر، ولذلك نجح الباطنية في دعوة غلاة الشيعة إلى تكفير جماهير الصحابة، ورميهم بكتمان بعض القرآن، ولم يدروا أن ذلك يعد طعناً في أئمة آل البيت الذين يتعصبون لهم ، لأن رئيسهم علياً رضي الله عنه، كان يحفظ القرآن كله، فلماذا لم يظهر المكتوم، إنهم يجيبون عن هذا بما لا يقبله ذو عقل مستقل، كالتقية، وما كان عليّ بالجبان حتى يخاف في إظهار أساس دينه أبدا ، على أنه كان يمكن أن يبث ذلك سراً في آل بيته وشيعته.


وغرض الباطنية إخراج الشيعة من الإسلام، كما كانوا يريدون إخراج غيرهم ولكنهم خابوا، ولا يزالون خائبين، وللمسلمين من الشيعة وغيرهم السلطان والبرهان الغالب عليهم.


 


ولما ظهر غلاة المتصوفة توصل الباطنية إلى مقصدهم أيضاً، فأضلوا كثيرا من الناس، ولكن الإسلام ظل غالباً على أمره في الصوفية إلا من كان أو صار من الباطنية.


 جزى الله خيرا

تاريخ الاضافة: 26-11-2009
طباعة