« مَن هم كَتَبَة العهد القديم ؟ »






بسم الله الرحمن الرحيم

 



الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عبده الذي اصطفى , وعلى آله وصحبه أما بعد:



فإكمالاً لما سبق في البحث السابق ( هل الكتاب المقدس كلام الله أم كلام أم لموائيل) فقد وعدت ألا أتحدث عن تحريف الكتاب المقدس من عدمه , ولكني أشرت إلى أن بحثي هذا إنما يختص بالبحث حول أصول هذا الكتاب المدعو مقدساً , من كتبه وصفات من كتبوه وهل هذا الكلام الموجود فيه هو وحي من عند الله أم كلام بشر عاديين لا يرقى إلى مرحلة الوحي .

 



وفي الموضوع المشار إليه سابقاً بحثت الأمر من هذا الاتجاه وهو صفات من كتبوا الكتاب وأحوالهم , وإكمالاً لهذا الجانب فإنك تجد العجب في أمر هذا الكتاب , فبعض الكتبة معروفين كما أشرت أعلاه , ولكن العجيب أن بعض هذه الكتب المنسوبة لله زوراً وبهتاناً من عند أنفسهم لا يعرف أحد كتابها ولا زمان كتابتها ولا في أي مكان كتبت .



قد تعجب عزيزي المتصفح من هذا الأمر , أن معظم كتب الكتاب المقدس مجهولة الكاتب والزمان والمكان , وأنهم نسبوها ظناً إلى الأسماء التي أطلقوها عليها , فمثلاً إنجيل متى لم يكتبه متى بن لاوي العشار , إنما هو مجهول الكاتب , إنجيل يوحنا مشكوك من هو كاتبه على وجه الدقة , الأسفار الخمسة في أول العهد القديم أعني ( التكوين والعدد والخروج واللاويين والتثنية ) تنسب زوراً وبهتاناً إلى موسى , مع أن نصوص هذه الكتب الخمسة تشهد قطعاً أنها مكتوبة بعد موسى عليه السلام بمئات السنين وأنه برئ منها براءة الذئب من دم بن يعقوب , ومن الطريف أنك تجد مثلاً في سفر صموائيل الثاني أن النبي صموائيل الذي ينسب إليه سفر صموائيل الأول والثاني قد مات في أول السفر الثاني , فمن كاتبه ؟

 



 



وهكذا عزيزي المتصفح سأورد لك بعض الإصحاحات المجهولة الكاتب أو المشكوك في كاتبها كما سترى وأشترط على نفسي أن أوثق كل كلامي بمراجع علمائهم وكتبهم المعتبرة حتى لا يلومنا لائم وأبدأ في هذه المداخلة بالعهد القديم فأقول مستعينا ببارئ السموات العلا والأراضين هكذا :



العهد القديم





وهنا نذكر حال بعض كتب من العهد القديم ، وأعني بحالها هو معرفة من كتب هذه الكتب وتاريخ كتابتها ، وعليك مراجعة التوراة السامرية مع العبرية مع العربية لترى كارثة بمعنى كلمة كارثة وقد نقل الكثير ممن ترجموا عن هذا اللغات إلى العربية ما لا يُحصى من الاختلافات في الأنساب والأحداث والتواريخ والأعمار والأسماء والأماكن والكثير مما يؤكد جزماً أن أحد هذه النسخ صحيح والأخرتان مكذوبتان أو أن الجميع مكذوب على الأنبياء منسوب لهم زوراً فهل من معتبر أو مفكر ؟؟

 



1- الأسفار الخمسة : المنسوبة لموسى وهي التكوين , والخروح , واللاويين , والعدد , والتثنية , على العموم تنسب لموسى و نثبت أنها لا علاقة لها بموسى إن شاء الله , وقالوا أن الفقرات الأخيرة من الأسفار الخمسة والتي فيها نعي موسى كتبها تلميذه يشوع , ومن علماء اليهود من نسبها كلها وبالدليل إلى عزرا بعد أن أحرقت جميع كتبهم وقتل منهم نبوخذ نصر الكهنة من بني لاوي فقام عزرا بتأليف التوراة المتداولة الآن . ولذلك بالغوا في تعظيم عزرا هذا غاية المبالغة وزعموا أن النور إلى الآن يظهر على قبره الذي عند بطائح العراق لأنه عمل لهم كتابا يحفظ دينهم .



2- سفر يشوع : إجمالاً جزء عظيم منه ينسب ليشوع , وآراء علمائهم في ذلك قال جرهارد , وديوديتي , وهيوت , وباترك , وتاملاين , والدكتور كري : إنه تصنيف يشوع , بينما قال الدكتور لائت فت : إنه تصنيف فينحاس بن العازار , بينما قال كالون إنه تصنيف العازار , وقال وانتل : إنه تصنيف صموائيل , وقال هنري إنه تصنيف إرميا , وبين يوشع وإرميا مدة 850 سنة تخميناً . فلا ثقة عندهم من كاتبه على وجه اليقين . أما عن زمان كتابة هذا السفر فلو قرأنا في سفر يشوع 15/63 , وسفر صموائيل الثاني 5/6-8 وقارنها بما في سفر يشوع أيضاً 10/23-26 و 15/8 و 18/28 لإتضح لنا أن زمان كتابة هذا السفر كان قبل جلوس داود على الحكم بسبع سنوات تقريباً وقال جامعوا تفسير هنري واسكات ذيل شرح الفقرة 15/63 من سفر يشوع هكذا (( يُعلم من هذه الآية أن كتاب يوشع كُتب قبل السنة السابعة من جلوس داود عليه السلام )) إنتهى . وجاء في قاموس الكتاب المقدس تحت ترجمة إسم ( يشوع سفره ) هكذا : كاتب هذا السفر مجهول. ولكنه قد نسب إلى أشخاص متعددين، غير أن كثيرين يتمسكون بالاعتقاد المقبول عند اليهود والكتاب المسيحيين الأولين، وهو ان يشوع نفسه كاتب السفر ما عدا الآيات الخمس الأخيرة منه، وبعض آيات أخرى مثلاً ص 19: 47. وقد جاء في السفر نفسه ( ص 24: 26 ). أن خطابي يشوع المدرجين في ص 23 و 24 كتبهما يشوع. وظن كلفن أن كاتبه هو اليعازار بن هارون ( ص 24: 33 ). وزعم آخرون انه فيدحاس، أو صموئيل، أو ارميا. ويؤخذ من الإشارة إلى سفر ياشر ( يش 10: 13 ). إن مؤلف سفر يشوع اعتمد في وضعه على كتب سابقة.

 





3- سفر القضاة : قال النصارى إنه تصنيف أحد هؤلاء ظناً , إما فنحاس أو حزقيا ( الملك ) أو إرميا أو حزقيال , أو أنه تصنيف عزرا , وبين عزرا وفنحاس أزيد من تسعمائة سنة , أما عند اليهود فهم يكذبون هذا كله وينسبونه رجماً بالغيب إلى صموائيل .

 



4- سفر راعـوث : قال النصارى إن من صنفه أحد هؤلاء ظناً , إما حزقيا ( وحزقيا ملك وليس نبي ) وإما عزرا , وبحسب قول اليهود إنه تصنيف صموائيل وفي ص 205 من المجلد السابع من ( كاثلك هرلد ) المطبوع سنة 1844م , هكذا : كتب في مقدمة الكتاب المقدس طبعة سنة 1819م في إشتار برك أن كتاب راعوث قصة بيت وكتاب يونس حكاية )) إنتهى , أي قصة غير معتبرة وحكاية غير صحيحة .



5- سفر نحميا : أكثرهم على أنه من تصنيف نحميا , وقال اتهانيسيش وابيفانيس وكريزاستم وغيرهم إنه تصنيف عزرا , ولايمكن أن تكون الستة وعشرون آية من أول الإصحاح الثاني من هذا السفر من تصنيف نحميا , وفي الفقرة 12/22 من هذا السفر ذكر إسم الملك داريوس , وداريوس هو داريوس الثالث ملك فارس ولد سنة 380ق.م وتولي العرش سنة 336ق.م , وقتل سنة 330ق.م وهذا بعد مائة سنة من موت نحيما , فكيف يكتب عنه نحميا قبل أن يأتي ؟

 



6- سفر أيوب : وقع العلماء النصارى في إختلاف يصل إلى الشجار بالصلبان البلاستيكية بينهم وفيه إختلاف شنيع وفظيع بين علماء الكتاب المقدس فمنهم من أسقطه نهائياً من الكتاب وقالوا عنه أنه كتاب مكذوب ورفضوه , ولا يعرف مؤلفه ولا زمان تأليفه .

 





7- المزامير : ولا يستطيعون نسبة المزامير كلها إلى داود , فنسبوا بعضها إلى موسى عليه السلام وفي طبعة سنة 1865م , كُتب عن المزمور 90 ( صلاة لموسى رجل الله ) , ونسبوا بعضها إلى سليمان وهو المزمور 72 والمزمور 27 , والمزمور 89 إلى إتهان , وثلاثة مزامير من تصنيف يدوثون أو قوشيا من سبط لاوي , وأحد عشر مزموراً من تصنيف ثلاثة من أبناء قورح , وهكذا إختلاف شديد حتى قال اليهود إن المزامير هي من تأليف آدم , إبراهيم , موسى , آساف , همان , جدوتهن , ثلاثة من أبناء قورح , وأما داود فجمعها في مجلد واحد , وقال هورن : المختار عند المتأخرين من علماء اليهود وكذا عند جميع المفسرين من المسيحيين أن المزامير هي من تصنيف هؤلاء : موسى , داود , سليمان , آساف , همان , أتهان , جوتهن , ثلاثة من أبناء قورح , ولو بحثنا لطال الأمر فيكفيني هذا الاختلاف عندهم في أمر المزامير وأنتقل لكتاب أمثال سليمان .

 



8- أمثال سليمان : قال بعضهم أنه من تصنيف سليمان ولكن يَرُّد هذا القول أسباب كثيرة جداً منها الفقرة 30/1 من الأمثال والفقرة 31/1 فهي تدل على أنه من كلام أجور إبن متقية وكلام لموئيل فلا يكون كله من كلام سليمان هذا فضلاً عن الإصحاح 25-29 تدل أن من كتبها ليس سليمان بل أصدقاء حزقيا الملك وهذا كان بعد وفاة سليمان بـ 270سنة , ولا أحد يعرف من هو أجور بن متقية ومن هو لموئيل ومتى كانا وأين كانا ؟ ! فلا يقين عندهم أبداً في كثير من إصحاحاته .



9- سفر الجامعة : قالوا أنه من تصنيف سليمان , وفي هذا الكتاب إختلاف عظيم , قال بعض علماء اليهود منهم الحبر قمجي إنه من تصنيف إشعياء , وقال علماء التلمود إنه من تصنيف حزقيا , وقالوا إنه صُنِّف بأمر من زوربابل وهو زر بابل بن شألتيئل أو إبن فدايا وقيل إنه صُنِّف بعد عودة اليهود من السبي , واليهود بعدما عادوا من السبي أخرجوه من كتب الوحي ولكنه أُعيد مرة أخرى فيما بعد 

 



10- نشيد الإنشاد : كارثة في الكتاب , قال عنه الدكتور كني كات ( من أكبر علماء البروتستانت ومن أشر محققيهم) وبعض المتأخرين : من قال أنه من تصنيف سليمان فقد أخطأ بل صُنِّف بعد وفاته بمدة , وذَمَّهُ القسيس تهيودور في القرن الخامس ذمَّاً شديداً هو وسفر أيوب , وقال وشتن : إنه غناء فِسقي فَلْيُخرَج من الكتاب المقدس , وقال وارد الكاثوليكي هكذا نصاً : حكم كاستيليو بإخراج هذا السفر من كتب العهد القديم لأنه غناء نجس .



11- سفر دانيال : يوجد في الترجمة اليونانية لتهيودوشن والترجمة اللاتينية وجميع تراجم الروم الكاثوليك غناء الأطفال الثلاثة في الباب الثالث , وكذلك يوجد الباب الثالث عشر والباب الرابع عشر , وفرقة الكاثوليك تسلم الغناء المذكور والبابين المذكورين وتحذفهم وترفضهم فرقة البروتستانت وتحكم بكذبهما , وفي طبعة سنة 1844م وطبعة سنة 1865م , وما بعدها لم يرد فيها غناء الأطفال الثلاثة , وينتهي فيها سفر دانيال بنهاية الإصحاح الثاني عشر , وليس فيها الإصحاحان 13و14 , وقد ذكر قاموس الكتاب المقدس ص 19 أن من جملة الأسفار أبو كريفا نشيد الأطفال الثلاثة وتتمة سفر دانيال .

 



12- سفر إستير : لا يعلم مصنفه ولا زمان تصنيفة . إنتهى

 

13- سفر إرميا : الإصحاح 52 منه ليس من تصنيف إرمياً قطعاً ويثبت ذلك آخر الإصحاح 51 وهي هكذا : ( إلى هنا تم كلام إرميا ) , إذاً فما بعده ليس من كلام إرميا , وبعض الكلام فيه باللسان غير العبري فيعلم أنه ليس من كلام إرميا لأنه عبري .

 



14- سفر إشعياء : قال علمائهم من الباب الأربعون وما بعده إلى الباب 66 من سفر إشعياء لايمكن أن يكون من تأليف إشعياء وهذا كان نتيجة مناظرة بين كاركرن الكاثوليكي ووارن البروتستانتي وقد نقل وارن هذا الكلام عن استهالن النمساوي , فسبعة وعشرون إصحاحاً على رأيهم ليست من كلام إشعياء ومجهولة الكاتب .



15- سفر صموائيل الأول والثاني : لا يعرف كاتبهما .

 



16- سفر الملوك الأول : لا يعرف كاتبه .



17- سفر أخبار الأيام الأول :لا يعرف كاتبه ويحتمل أن يكون ....

 



18- سفر أخبار الأيام الثاني : المؤلف على الأرجح عزرا.

 



 



وأكتفي بهذه الأمثلة إختصاراً من العهد القديم إخواني وفي المداخلة القادمة بعون الله نورد أحوال بعض كتب العهد الجديد , وكما قرأتم وبالمراجع من أمهات الكتب ومن أٌقوال علمائهم فمعظم الكتب مجهولة الكابت والزمان والتاريخ وتنسب تلفيقاً أو ظناً أو تخميناً إلى فلان أو علان , ولعمري لا أدري هل لهؤلاء الناس عقول يفكرون بها ؟ أليس فيهم رجل رشيد ؟ هذه الكتب المجهولة الكاتب والتاريخ والزمان والمكان وحتى العنوان , هل تعقل أن تكون وحي من عند الله ؟ لو كانت وحياً فعلى من أنزلت أو لمن أوحي بها ؟ لن أطيل فالموضوع طويل وسأقطع النظر عن هذا وأترك الحكم للعقلاء , والسؤال هو :

 





إن كنا نجهل كاتب هذه الكتب فكيف نقول أنها وحي من الله ؟





وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 



 



كتبه : خطاب المصري ayoop2

 





» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.