« تابع :مغالطة بطمس الشهادات المؤمنة للعلماء الماديين »






تابع :مغالطة بطمس الشهادات المؤمنة للعلماء الماديين

 

من كتاب :

 

  صِرَاعُ مَعَ المَلاحِدَة حتى العظم

 

  تأليف

 

  عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني

 

قال (العظم) في الصفحة (28) من كتابه:

          " عندما نقول مع (نيتشه) : إن الله قد مات أو هو في طريقه إلى الموت (والعياذ بالله من حكاية هذا الكلام الكبير الشنيع) فنحن لا نقصد أن العقائد الدينية قد تلاشت من ضمير الشعوب ، وإنما تعني أن النظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع والإنسان خالية من ذكر الله تماماً كما قال (لابلاس)".

 

          إنه يحشر اسم العالم (لابلاس) هنا ليموه بأنه من أنصار قضية الإلحاد بالنظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع والإنسان ، ولا يؤيد قضية الإيمان بالله ، مع أن (لابلاس) مؤمن أخذاً منن أقواله ، وله في الاستدلال على وجود الله وَرَدِّ أقوال الجاحدين كلام طيب ، يلغي فكرة الاعتماد على المصادفات ، ويرى أن النظام الكوني الرائع لا بد له من خالق .

 

          لقد شرح (لابلاس) دليل الحركة الكونية ، وأبان قوة هذا الدليل في جسم الشبهات التي يثيرها الجاحدون فقال  "أما القدرة الفاطرة التي عينت جسامة الأجرام الموجودة في المجموعة الشمسية وكثافتها ، وثبتت أقطار مداراتها ، ونظمت حركاتها بقوانين بسيطة ، ولكنها حكيمة ، وعينت مدة دوران السيارات حول الشمس والتوابع حول السيارات بأدق حساب ، بحيث إن النظام المستمر إلى ما شاء الله لا يعروه خلل..

 

          هذا النظام المستند إلى حساب يقصر عقل البشر عن إدراكه ، والذي يضمن استمرار واستقرار المجموعة إزاء ما لا يعد ولا يحصى من المخاطر المحتملة ، لا يمكن أن يحمل على المصادفة إلا باحتمال واحد من أربعة تريوليونات ، وما أدراك ما أربعة تريوليونات؟ إنه عدد من كلمتين ، ولكن لا يمكن أن يحصيه المحصى إلا إذا لبث خمسين ألف عام يعد الأرقام ليلاً ونهاراً ،على أن يعد في كل دقيقة (150) عدداً"

 

          صحيح أن (لابلاس) أعلن قوله:

          "إن العالم العظيم الذي سيتمكن من معرفة انتشار الذرات في السحب السديمية الأولية سيكون باستطاعته أن يتنبأ بكل مستقبل الكون وأحداثه"[1].

 

          ولكن قوله هذا لا يعني إنكاره للخالق ، وإنما يدل على شعوره بأن الكون سائر وفق نظام مرسوم خاضع لسلاسل سببية متتابعة ، يمكن التنبؤ باللاحق منها لدى معرفة السابق .

 

          وأما ما نسبه (د. العظم) إليه من قوله لنابليون : "الله فرضية لا حاجة لي بها في نظامي" فلست أدري مبلغه من الصحة أمام قوله الذي قرأناه مما كتب بنفسه . وبكل أسف لم نجد لدى الناقد أثراً للأمانة الفكرية التي يتظاهر بالغيرة عليها .

 

          يا عجباً لهذا الفريق الملحد من الناس ، ترى أحدهم مريضاً بمرض السرطان الفكري الطاغي ، ثم يتهم الأعضاء الرئيسية الأساسية في البناء الفكري الصحيح بأنها نمو سرطاني ، وقديماً قال العرب في أمثالهم : "رمتني بدائها وانسلت".

 

 

          وبعد أن حمل (د. العظم) النظرية النسبية ما لا تحمل ، واستغل اسم (أينشتاين) لدعم قضية الإلحاد ، متجاهلاً أنه كان مؤمناً بالله ، ومؤيداً التفسيرات الغائية للكون ، بمثل قوله : "إن الشخص الذي يعتبر حياته وحياة غيره من المخلوقات عديمة المعنى ، ليس تعيساً فحسب ، ولكنه غير مؤهل للحياة".

 

          بعد هذا التضليل والتمويه والتجاهل الذي صنعه (د. العظم) خطا خطوة رفع فيها لواء تمجيد واضعي النظريات الموجهة خصيصاً لمحاربة المفاهيم الإسلامية ، والقائمة أساساً على إنكار وجود الله تبارك وتعالى ، من اليهود الذين تحملوا مهمة وضع هذه النظريات المناقضة للمفاهيم الإسلامية باسم العلم ، وذلك بدفع من القيادة اليهودية العالمية ، فأخذ يمجد بأسماء هؤلاء اليهود (دركهايم) و(فرويد) و(ماركس) فقال في الصفحة (39) من كتابه:

 

          "حين نطرح المسألة بهذه البساطة وبهذا التحديد ، يبدو أنه ثمة تناقض واضح بين النظرة الإسلامية الغائية للكون – كما سردها سماحة موسى الصدر – وبين النظرة العلمية ، كما تبلورت مع تطور العلم الحديث وتقدمه . من يراجع تاريخ العلم الحديث يكتشف بسرعة أن واضعي دعائمه وفلاسفته شنوا حرباً لا هوادة فيها على إقحام العلل الغائية والمفاهيم الأخلاقية في التفسيرات العلمي لظواهر الطبيعة ، ورفضوا النظرة الغائية للكون رفضاً باتاً ، لأنهم اعتبروها من إنتاج خيال الإنسان الأسطوري ، ولأنها تعيق تقدم العلم ، وانتشار تفسيراته للظواهر الطبيعية مهما كان نوعها ، إننا نجد هذا التيار المعادي للنظرة الغائية منذ البداية ، عند المفكرين والفلاسفة الذين رسخوا دعائم العلم الحديث ، من فرانسيس بيكون ، إلى برتراند رسل ، مروراً بديكارت ، وسبينوزاً ، وغاليليو ، وداروين ، وبافلوف ، ودركهايم ، وفرويد ، وماركس ، إلى آخر القائمة الطويلة من الأسماء ".

 

          هكذا ، وعلى المستوى من التضليل الغوغائي ، أو الحرب (الديماغوجية) وفق تعبيرات الملاحدة الماركسيين ، يسير (العظم) في نقده للفكر الديني .

 

          لقد سبق أن برهنا على أن جمهوراً كبيراً من علماء عصر النهضة العلمية الحديثة مؤمنون بالله ، ومعترفون بالمفاهيم الأخلاقية التي نبَّه عليها الإسلام أو نادى بها ، وذلك منهم انسجام مع النظرة الإسلامية الغائية للكون ، ولا يرون في ذلك مخالفة للنظرة العلمية ، وإذا استثنينا الملاحدة المعدودين من علماء النهضة العلمية الحديثة ، واليهود المدفوعين خصيصاً لوضع النظريات التي تدعم قضية الإلحاد ، أمثال دركهايم ، وفرويد وماركس فإننا نجد معظم علماء النهضة العلمية الحديثة لا يجحدون الله ، ولا ينكرون النظرة الغائية للكون ، ولا ينكرون المفاهيم الأخلاقية ، بل كثير منهم يؤيد هذه الحقائق ويؤمن بها ، ولكن الملحد العميل الذي لا يؤمن بالعلل الغائية ولا بالمفاهيم الأخلاقية ، لا يخجل من صناعة التمويه بالأكاذيب والتزويرات والتضليلات الجدلية ، التي ليس لها أساس فكري سليم ، ولا هي قائمة على احتجاج منطقي مقبول.

 

          إنه يعرض أقواله على طريقة الحقائق المسلم بها ، دون أن تقترن بحجج نظرية ، أو بشواهد واقعية ، ثم يزعم أنها حقائق مسلم بها عند العلماء ، ويكتفي بعرض قائمة من أسماء الرجال المشهورين بالعلم والفلسفة ، ويحشر في كل مرة أسماء اليهود ، الذين وضعوا ما أسموه بنظريات علمية ، ولا تزيد في حقيقة حالها على أنها فرضيات صيغت بعناية مقصودة لدعم قضية الإلحاد ،ولا يستطيع أن يكتم تمجيدها ، وتمجيد كتبهم ، وما يسمى نظرياتهم ، ولا يخجل وهو عربي العرق أو يبالغ بتأييد المخطط اليهودي العالمي ، في هذا العصر الذي تعاني أمته أقسى المحن وأشهدها من اليهودية العالمية ، ومن مخططاتها الرامية إلى الاستيلاء على العالم العربي كله .

 

          إنه لعجب كبير أن تبلغ الخيانة بإنسان ما إلى هذا الدرك الذي ليس من دونه درك أسفل منه .

 

          لو كانت النظرة العلمية الحديثة تناقض أو تعارض النظرة الإسلامية الغائية للكون ، لما وجدنا هذا الجمهور الكبير من علماء النهضة العلمية الحديثة مؤمنين بالله ،وبتفسيرات النظرة الإسلامية الغائية للكون ،وبالمفاهيم الأخلاقية الدينية .

 

          وهذا واحد منهم وهو (أندرو كونواي إيفي) من العلماء الطبيعيين ذوي الشهرة العالمية من سنة (1925م) إلى سنة (1946م) يقول في مقال له تحت عنوان : "وجود الله حقيقة مطلقة":

 

          "ويظهر أن الملحدين أو المنكرين بما لديهم من شك لديهم بقعة عمياء ، أو بقعة مخدرة داخل عقولهم ، تمنعهم من تصور أن كل هذه العوالم ، سواء ما كان ميتاً أو حياً ، تصير لا معنى لها بدون الاعتقاد بوجود الله".

 

          ثم استشهد بكلام العلامة (أينشتاين) ، إذ قال:

          "إن الشخص الذي يعتبر حياته وحياة غيره من المخلوقات عديمة المعنى ليس تعيساً فحسب ، ولكنه غير مؤهل للحياة".

 

          أليس هذا التفكير الذي يعلن عنه هذا العالم ومن قبله (أينشتاين) تفكيراً قائماً على النظرة الغائية للكون ، وعلى اعتبار القيم الأخلاقية؟

 

          إن هذه النظرة الموافقة للنظرة الإسلامية لم تكن عند أصحابها مناقضة للأسس العلمية الحديثة ، ولا للنظرة العلمية كما تبلورت مع تطور العلم الحديث وتقدمه ، فمن أين (للعظم) وهذا الادعاء الكاذب؟!

 

          إذا كانت هذه النظرة مناقضة لما يسمى بنظريات اليهود (دُركهايم – فرويد – ماركس) أو النظريات التي روجها اليهود كالنظرية الداروينية فلا بأس ، إن هؤلاء أجراء المخطط اليهودي العالمي المعروف ، وقد وضعوا مذاهبهم لهدم الأسس الدينية ، لا على أساس قناعات علمية صحيحة ، وقد أصبح مخططهم مكشوفاً للعالم ، وكتب في كشف مكايدهم محققون من العلماء المتتبعين .

 

          أما ادعاء (العظم) بأن النظرة الغائية للكون والمفاهيم الأخلاقية تعيق تقدم العلم وانتشار تفسيراته للظواهر الطبيعية مهما كان نوعها ، فهو ادعاء هراء ، غير مستند إلى أي أساس نظري أو واقعي . إن الإيمان بالله لا يتعارض بحال من الأحوال مع أي تقدم علمي يُدرسُ فيه واقع حال هذا الكون ، وما فيه من طاقات وقوى مشاهدة وغير مشاهدة ، وما فيه من نظم وأسباب ظاهرة أو خفية ، كما أن المفاهيم الأخلاقية تساعد على ما تقدم المعرفة من جهة ، وعلى سعادة الإنسان من جهة أخرى ، وضبط سلوكه فيما يحقق للأفراد وللجماعات أوفر نصيب من الخير العيش الرغيد .

 

          ولكن الملحد يكتفي بإطلاق الادعاءات الكاذبة ، دون دليل منطقي أو واقعي .

 

 

          يحاول الناقد (العظم) كما رأينا الإقناع بنسف الأسس الأخلاقية من جذورها بينما يتظاهر في موطن آخر من كتابه بغيرته على المبدأ الأساسي لأخلاق الاعتقاد ، فتعليقاً على بعض آراء (وليم جيمس) الذي رجح جانب الإيمان بالله استناداً إلى المشاعر الإنسانية الداخلية ، التي ترجح جانب الإيمان على جانب الكفر ، يقول في الصفحة (75):

 

          "هنا يثبت (جيمس) حق هذا الإنسان بأن يعتقد بوجود الله ،استناداً إلى ما توحيه له طبيعته العاطفية حول هذا الموضوع ، أي : بالنسبة لجيمس يحق له أن يحسم الأمر باللجوء إلى عواطفه ومشاعره ، ضارباً بعرض الحائط المبدأ الأساسي لأخلاق الاعتقاد".

 

          ويتظاهر بحرصه على مبدأ الأمانة الفكرية ، وهو مبدأ أخلاقي ، فيقول في الصفحة (21):

 

          "هل باستطاعتي أن أقبل بكل نزاهة وإخلاص المعتقدات الدينية التي تقبلها آبائي وأجدادي ، دون أن أخون مبدأ الأمانة الفكرية؟"

 

          ويكرر تظاهره بالغيرة على الأمانة الفكرية فيقول في الصفحة (29):

 

          "هذا هو الحد الأدنى من متطلبات الأمانة الفكرية ، في البحث الجاد عن المعرفة والحقيقة".

 

          أليس هذا التهافت في كلامه من أعجب الأمور؟ كيف يسوغ لنفسه أن يقف مثل هذا الموقف الأخلاقي لمناصرة قضية الإلحاد والكفر بالله ، وقد ذبح القيم كلها والمبادئ الأخلاقية جميعاً ، وأعلن أنها أمور لا يعترف بها العلم – بحسب زعمه – ولا يقيم لها وزناً؟

 

          سبق أن نقلنا كلامه في الصفحة (38) من كتابه ، وفيه يقول:

 

          "جلي أن هذه النظرة الإسلامية للكون هي نظرة غائية ، تعتمد في تفسيرها لطبيعة الكون على العلل الغائية ، والأهداف السامية ، وعلى مفاهيم أخلاقية ، مثل (الحق والعدل). هل تنسجم هذه النظرة الغائية إلى الكون والحياة مع النظرة العلمية التي تسود العالم المعاصر وثقافته؟ لو رجعنا إلى التفسيرات العلمية للكون من (نيوتن) إلى (أينشتاين) هل نجد في صلبها مقولات مثل الأهداف السامية ، أو الحق والعدل ، أو الروح والجمال والخلق ، هل نجد لهذه المفاهيم الأخلاقية الدينية أي ذكر في النظرية النسبية أو في ميكانيكا الكموم مثلاً؟".

 

          فهو بهذا لا يعترف أصلاً بالمفاهيم الأخلاقية ، ولا بالحق والعدل ، ولا بالأهداف السامية ، ولا بالروح والجمال والخالق ، فما له وللدفاع عن الأمانة الفكرية؟ وما له وللغيرة على أخلاق الاعتقاد؟ إن كان يريد مناصرتها حقاً فليكن منسجماً مع نفسه على أقل تقدير ، وليبق لنفسه من الأخلاق بقية يخاطب بها الناس .

 

          إذا لم يكن للحق قيمة لديه فأين مكان الأمانة الفكرية إذن؟ أليست الأمانة الفكرية أمانة على الحق في جانب المعرفة؟ أليس إلغاؤه لمبدأ الحق خيانة لمبدأ الأمانة الفكرية؟ وحينما يلغي مبدأ الحق فماذا يأتي بعده غير الباطل والضلال؟ فهل يطالب الأفكار الحرة بأن تكون أمينة على الباطل؟ وأي باطل هذا الذي يريد أن يحرص عليه؟ ألا يرى هذا تناقضاً شائناً مفضوحاً غير مستور بأي شيء؟ أين أخلاق الاعتقاد في موقفه هذا المتَّسم بالتناقض الصريح؟

 

          ينسف الأخلاق كلها من جذورها ، ولا يعتر بحق ولا عدل ولا أهداف سامية ، ثم يتباكى على الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد ، ليزين تباكيه هذا قضية الإلحاد والإباحية المطلقة التي يناصرها ، ويبشر بها في المجتمع العربي المسلم ، خدمة لأسياده الماركسيين ، ومن ورائهم القيادة اليهودية العالمية ، ما أعجب هذا من  إنسان يحترم كرامة نفسه؟!

 

          مادام قد نسف الأخلاق كلها من جذورها فأية أمانة لديه يعتمد عليها في نقل خبر ، أو حكاية قول لإنسان ، أو تقرير حقيقة من الحقائق العلمية؟

          مادام هذا مذهبه فمن الطبيعي أن لا يوثق بشيء يقوله ، لأنه إن صدق في واحدة أو أكثر فذلك ليغطي بها فرية يفتريها على الحقيقة ، خبراً كانت أو معرفة علمية ، وهذا ما يكتشفه الناظر في أقواله بأدنى تأمل ، إنه حينما يبحث في العلم الحديث لا يعرض إلا أقوال الملحدين أمثاله ، ويجعلهم الممثلين الوحيدين للركب الحضاري كله ، وقد يعرض – كما رأينا – على سبيل التضليل بعض الأعلام الكبرى في ضمن ما يعرض من قائمة أسماء ، تمويهاً بأن هؤلاء الأعلام الكبرى من مؤيدي قضية الإلحاد ، مع أنهم في الواقع بخلاف ذلك .

 

          وأي ناظر في كتابه يرى أنه جندي مطيع ، يجعل من نفسه رأسه حربة في يد الماركسية واليهودية العالمية ، لهدم كيان أمته ، وتهيئة أرضها وأجيالها لاحتلال العدو احتلالاً شاملاً ، يتناول الأفكار والنفوس والقوى المختلفة ، والأرض والأموال وسائر الثروات والخيرات .

          هذه هي الخطة اليهودية التي درسناها في كتبهم ، والتي رأينا جملة كبيرة من تطبيقاتها في العالم .

          والملاحدة الماركسيون كتبية من كتائب جنود التنفيذ لهذه الخطة اليهودية العالمية الكبرى ، التي غدت من الحقائق المكشوفة جداً ، بعد أن كانت مستورة عن كثير من أعين الجماهير .

 

          إنهم مجندون في صف العدو ، ولكنهم مخالطون مداخلون ، يحتلون مواقع ضمن الصفوف ، وهم يتحينون الفرص للانقضاض على أمتهم خدمة لأسيادهم الشياطين .

 

          إنني لأعجب كل العجب من هذه الحرب المستعرة على فكرة الإيمان بالله تعالى ، وعلى المبادئ والقيم الأخلاقية ، وعلى الفضائل الإنسانية ، وعلى الحق والعدل والأهداف السامية ، وعلى الروح والجمال والخالق ، وعلى التفسيرات الغائية للكون والحياة ، فماذا تضر البشرية هذه الأمور من وجهة نظرهم؟

 

          إن هذه المبادئ التي ينادي بها الدين من شأنها أن تكف يد الجريمة في الناس ، وتخفف من شرورهم ، وتجلب للإنسانية نفعاً عظيماً ، ولكن القيادة المجرمة الخفية في العالم تخسر بنشر هذه المبادئ وتطبيقها جنوداً كثيرين تستطيع أن تجندهم عن طريق الإلحاد والإباحية المطلقة ، ولا تستطيع أن تجندهم عن طريق الإيمان والتزام المفاهيم الأخلاقية .

 

          لذلك فإن وسيلتهم الوحيدة لتجنيد جيوشهم المجرمة ، هي أن ينشروا الإلحاد والإباحية أولاً ، ثم ينتقوا جنودهم من هذا الوسط الإلحادي الإباحي ، ليدفعوا بهم إلى ارتكاب الجرائم الإنسانية الكبرى ، وبذلك يحقق المجرمون المستورون أهدافهم في السيطرة على العالم .

 

 

          نظرت في مناقشته لبحث الفيلسوف الأمريكي (وليم جيمس) الذي كتبه تحت عنوان : "إرادة الاعتقاد" ، فرأيت أن (وليم جيمس) تعرض في بحثه إلى حق الإنسان المفكر بالاعتقاد بوجود الله ، ولو لم تكن البينات العلمية والأدلة العقلية كافية بحد ذاتها للبرهان على وجود الله أو عدم وجوده ، نظراً إلى أن عواطف الإنسان ومشاعره ترجح جانب الإثبات ، كما أن الإنسان يجد نفسه بين موقفين :

 

          1- فإذا هو أنكر الله وجحده وكان الواقع بخلاف ذلك فإنه يعرِّض نفسه لخسائر كبرى .

 

          2- وإذا هو آمن به وكان الواقع بخلاف ذلك فإنه لا يخسر شيئاً .

 

          واستنتج من ذلك أن موقف الإيمان على هذا موقف لا خسارة فيه مطلقاً ، مع وجود احتمال اغتنام أرباح كثيرة منه ، وأما موقف الإلحاد على هذا أيضاً فهو موقف لا ربح فيه مطلقاً ، مع وجود احتمال تكبد خسائر كبرى .

 

          وبمقارنة هذين الموقفين يترجح موقف الإيمان على موقف الإلحاد قطعاً ، ويكون من حق الإنسان أن يؤمن في مقياس العقل .

 

          ثم بلغ مني العجب مداه حين رأيت الناقد (د. العظم) يناقش بحث (جيمس) مناقشة مشحونة بالمغالطات التي تأتي ببعض العبارات الفلسفية ، وليس فيها من الفلسفة الصحيحة شيء ، وتستخدم العبارات العلمية ، وليس فيها من العلم الصحيح شيء ، جلَّ ما فيها سفسطة ، ومغالطات ، وخطابيات ، وتقريرات ، وكلها لا تملك من الأدلة شيئاً حتى أضعفها .

 

          هذا على الرغم من أن (وليم جيمس) لم يقدم لقضية الإيمان إلا أضعف الأدلة ، وهو الدليل الذي صاغه الشاعر العربي الفيلسوف بقوله:

 

قال المنجم والطبيب كلاهما *** لا تُبعث الأجساد ، قلت : إليكما

إن صحَّ قولكما فلست بخاسر *** أو صحَّ قولي فالخسار عليكما

 

          وهذا هو الدليل الثاني الذي طرحه مؤمن آل فرعون ، في مناقشة لهم حول دعوة موسى عليه السلام ، وقد حكى القرآن ذلك عنه بقول الله تعالى في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول):

 

          {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ}.

 

          فهذا الرجل المؤمن من آل فرعون عرض عليهم أولاً دليل البينات التي جاء بها موسى ، ثم تنازل معهم إلى مستوى آخر لا يستطيعون أن يرفضوه إذا هم رفضوا البينات ، فقال لهم  {وإن يك كاذباً فعليه كذبه}، أي : فإنكم لا تخسرون شيئاً إذا تركتم موسى وشأنه فيما لو كان كاذباً {وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم}، أي : فإنكم تخسرون كثيراً بتكذيبه ومقاومة دعوته فيما لو كان صادقاً ، فالمنطق الحق يرجح الأخذ باحتمال صدقه على احتمال كذبه ، لأن الأخذ باحتمال الصدق يدفع عنكم احتمالات الخطر دون أن تخسروا شيئاً ، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تخسروا شيئاً ، أما الأخذ باحتمال الكذب فإنه قد يعرضكم للخطر دون أن تجنوا شيئاً من الربح ، وهذا منطق عقلي يصح الاستناد إليه والاعتماد عليه ، في كل الأمور التي يجد الإنسان نفسه فيها بين موقفين متكافئين نظرياً ، إلا أن الأخذ بأحدهما فيه السلامة بصفة قطعية مع احتمال الربح ، أما الآخر ففيه احتمال عدم السلامة مع الخسارة ، وهذا هو أضعف الأدلة المرجحة .

 

          ويُطرح هذا الدليل عند آخر مرحلة من مراحل النقاش الذي يرفض فيه الملحد أدلة الإيمان الكثيرة ، ويعلن تشككه بها ، أو يطرح في أول مرحلة من مراحل النقاش ، لتوجيه النفس إلى منطقة الإيمان منذ الانطلاقة الفكرية الأولى ، ثم تطرح من بعده الأدلة والبينات الأخرى ، فهو إما دافع إلى النقلة الأولى التي تتجاوز منطقة الشك المطلق ، وإما ممسك بالنفس في منطقة الإيمان قبل أن تنزلق إلى منطقة الشك المطلق .

 

          ولست أدري كيف بلغ (العظم) هذا المستوى الذي نراه في كلامه من ضعف الإدراك لأصل الموضوع ، حينما ناقش (جيمس) حول هذا الدليل .

 

          فهو ينقل بعض أقوال (وليم جيمس) ثم يعلق عليها تعليقاً عجيباً ، يدلُّ على ضعف إدراكه للمشكلة ، أو استهانته بقارئي كتابه استهانة بالغة ، إذ يحاول تضليلهم حتى في البدهيات ، انظر هذا المقطع من الصفحتين (76) و(77) من كتابه:

 

          "وهنا يدافع (جيمس) عن نفسه قوله:

          1- لا يمكننا أن نعلق الحكم إلى الأبد في موضوع الاعتقاد بوجود الله لأننا بذلك قد نتجنب الوقوع في الخطأ إذا لم يكن الإله موجوداً ، ولكننا سنخسر فائدة كبرى فيما لو كان موجوداً".

 

          ويعلِّق على كلام (جيمس) هذا بقوله :

          " في الواقع أن (جيمس) يسيء فهم المشكلة : فالمسألة لا تتعلق بالفائدة الدنيوية أو الأزلية التي قد أجنيها من اعتقادي بالله ، وبالخسارة المماثلة التي قد أتكبدها من عدم اعتقادي به إذا كان موجوداً . المشكلة أصلاً لا تمت بصلة إلى حساب الأرباح والخسائر ، ولا علاقة لها بعقلية الرهان والمجازفة . المشكلة بكل بساطة هي : هل القضية "الله موجود" قضية صادقة أم كاذبة ، أم أن صدقها جائز جواز كذبها ، وليس لدينا أدلة أو بينات ترجح أياً من هذين الاحتمالين على الآخر؟ يجب أن ينسجم موقفنا الشخصي من قضية وجود الله انسجاماً تاماً مع جوابنا على هذا السؤال ، لا مع حساب الخسائر والأرباح".

 

          يا عجباً له ولهذا المنطق الأعور ، من منهما يسيء فهم المشكلة (جيمس) أو (العظم)؟

 

          كيف لا تتعلق المشكلة بالفائدة الدنيوية أو الأزلية التي قد أجنيها من اعتقادي بالله ، وبالخسارة المماثلة التي قد أتكبدها من عدم اعتقادي به إذا كان موجوداً ؟

 

          إنها مشكلة وجودي وحياتي وسعادتي ومستقبلي ، أفلا أبحث عنها ؟ أفلا أضعها في الحساب؟ أفأعرض وجودي كله وسعادتي كلها للخطر ، دون أن يكون لي في الموقف الذي أتخذه أي ربح ، أو أية فائدة؟

 

          هل أتعامل مع أرقام في مسألة رياضية لا علاقة لي بها؟

 

          إنها قضية حياة ، قضية سعادة ، قضية مصير ، إن اللعب فيها لعب بالنار .

 

          هل يفعل (العظم) مثل هذا في مشكلاته الحياتية المصيرية ، من أمور معاشه أو صحته ومرضه أو سلامته وتهلكاته أو تجارته واستمثاراته؟ أو نحو ذلك .

 

          إنه هو الذي يسيء فهم المشكلة ، أو هو الذي يفسد تصويرها ، لتضليل المراهقين فكرياً ونفسياً.

 

          حينما حاول تحديد المشكلة أخذ يهرف في تصويرها ، كأنها قضية لا علاقة للباحث بها من قريب ولا من بعيد ، فقال :

 

          "المشكلة بكل بساطة: هل القضية (الله موجود) قضية صادقة أم كاذبة؟ أم أن صدقها جائز جواز كذبها؟".

 

          ثم قال:

 

          "يجب أن ينسجم موقفنا الشخصي من قضية وجود الله انسجاماً تاماً مع جوابنا على هذا السؤال ، لا مع حساب الأرباح والخسائر".

 

          فمن أين له أن يلقي هذه التقريرات المخالفة للحقيقة وللبديهة العقلية دون أي دليل؟ أهو يبحث عن قضية في مجاهيل الجزر البحرية التي لا علاقة له بها؟ حتى يقرر أن المشكلة أصلاً لا تمت بصلة إلى حساب الخسائر والأرباح .

 

          يبدو أنه قد بلغ من السخف الفكري مداه ، حين انتقد (وليم جيمس) في ترجيحه جانب الإيمان على جانب الإلحاد ، بمرجِّح احتمال الربح الذي لا يقابله احتمال خسارة ، بينما رجح (العظم) جانب الإلحاد بدون مرجح مطلقاً ، مع قيام مرجح احتمال الخسارة في جانب الإلحاد ، ومرجح احتمال الربح في جانب الإيمان ، وكلاهما لصالح قضية الإيمان ، إلا أنه ألغاهما من الحساب اعتباطاً وحماقة ، وزعم أنه لا علاقة لهما أصلاً بالقضية .

 

          أليس هذا تضليلاً يمكن أن يدركه أي ناظر بالبداهة؟

 

          لقد حاول (العظم) طمس جوانب المنطقية في دليل (جيمس) بالمراوغة والمغالطة ، وتصدى لنقد أصوله المقبولة فكرياً بسفسطات مرفوضة بداهة .

 

          لقد كان (جيمس) منسجماً مع المنطقية السليمة ، ومع البحث عن سلامته وسعادته ومصيره ، على فرض أنه لا توجد إثباتات كافية أو بينات علمية تبرهن على وجود الله أو عدم وجوده ، فقد رأى أن الأخذ بجانب الإيمان أرجح ، استجابة لنداء الفطرة من جهة ، وطلباً للسلامة من جهة أخرى ، وذلك لأن تعليق الحكم إلى الأبد في موضوع الاعتقاد بوجود الله جُلُّ ما فيه أنه قد يُجَنِّبُ الوقوع في الخطأ إذا لم يكن الإله موجوداًَ ، لكنه يوقع في خسارة عظيمة (هي الشقاء الأبدي) فيما لو كان موجوداً ، فهل يجازف العاقل بحياته وسعادته الأزلية دون مقابل ، ولمجرد وقوف جامد حائر .

 

          أما اختيار سبيل الإنكار والكفر بالله فإن (جيمس) يراه اختياراً متعنتاً لجانب لا دليل عليه مطلقاً ، وليس فيه استجابة لنداء الفطرة ، وفيه مخاطرة حمقاء توقع الإنسان في احتمالات خسارة كبرى وشقاء أبدي .

 

          أما (العظم) فمنهجه السوفسطائي الديماغوجي اللامنطقي أن يبيح لنفسه أن يقول ما يشاء ، دون ضابط عقلي أو علمي أو أخلاقي .

 

          فالحقيقة الظاهرة يقول عنها دون مبالاة أو اكتراث : إنها غير موجودة .

 

          والأوهام المفتراة يقول عنها بجزم وتأكيد : إنها حقائق ثابتة .

 

          ومنهجه الجدلي أن يبيح لنفسه أن يغالط كما يشاء ، وأن يزيف أي شيء يريد تزييفه ، وأن يلبس أثواب الزور ، فيرتدي أردية البحث العلمي ، وكلامه مناقض للبحث العلمي ، ويحمل شعار الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد ، وهو في حرب ضروس ضد الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد وسائر الأخلاق والقيم .

 

          انظر هذا المقطع الثاني من نقده لبحث (وليم جيمس) لترى ما حشر فيه من مغالطات ، يقول في الصفحة (77) من كتابه:

 

          "2- يقول جيمس في دفاعه عن نفسه: إن الإنسان الذي يعلق الحكم في موضوع وجود الله يرضخ بذلك إلى تخوفه من الوقوع في الخطأ والوهم ، بينما كان الأحرى به أن يعتقد بوجوده تمشياً مع أمله في أن يكون اعتقاده صادقاً".

 

          ويعلق العظم على قول (جيمس) هذا بقوله:

 

          "ولكن جيمس مخطئ ، لأن خوفنا من الوقوع في الخطأ أهم بدرجات من أملنا في العثور على الحقيقة ، أو من رجائنا في أن يكون اعتقادنا صادقاً".

 

          هكذا يقرر(العظم) ثم يأتي بما زعم أنه دليل ، ولكنه لو لم يأت به لكان أستر له ، إنه يقول في دليله الذي ساقه:

          "ذلك لأن عدد الأخطاء التي يمكن أن نقع بها غير متناه ، أما الحقيقة فواحدة ، وبما أن احتمالات الوقوع في الخطأ أكبر بكثير من احتمالات العثور على الحقيقة ، أو احتمال الوقوع على الاعتقاد الصادق ، لذلك يضطر الإنسان لأن يضع ضوابط صارمة وحازمة في بحثه عن المعرفة ، أملاً منه في أن يخفض احتمالات الخطأ إلى أقل حد ممكن . وبالرغم من ذلك يظل عدد هذه الاحتمالات مخيفاً".

 

          ولا بد أمام هذا الكلام (العظمي) من إلقاء ضحكة سخرية ، وذلك لأنه وضع الأشياء التي في غير مواضعها ، وذكرني بقصة طالب غبي يحفظ بعض المسائل النحوية والصرفية واللغوية ، سأله الممتحن أول ما سأله ما اسمك؟ فقال له : الاسم على أقسام: منه علَمَ ، والعلم مرتجل ومنقول ، وهو علم شخصي وعلم جنسي ، ومنه معارف أخرى غير علم ، ومنه نكرة ، والنكرة قد تكون اسم جنس ، وقد تكون اسم جنس جمعي ، وفي باب النداء قد تكون النكرة نكرة مقصودة ، وقد تكون نكرة غير مقصودة ، ومعاجم اللغة قد جمعت المفردات اللغوية وبينت معانيها ، سواء ما كان منها اسماً أو فعلاً ، وفيها مئات الألوف من الكلمات ، وسار على هذا المنوال في السرد الغبي .

 

          و(العظم) ظن نفسه في مثل صحراء واسعة يبحث فيها عن دينار ، واحتمالات الخطأ فيها لا نهاية لها ، ونسي أنه في موضوع يتردد بين احتمالين فقط ، لا ثالث منهما ، أحد هذين الاحتمالين هو أن الله موجود وحق ، والاحتمال الثاني هو الاحتمال المناقض له ، ولا شيء وراء هذين الاحتمالين ، فالقضية كمن جاءنا فقال : في وسطي حزام ناسف ، وهنا لا بد أن نكون أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما أن نرجح احتمال الصدق فنأخذ حذرنا ، وإما أن نرجح الاحتمال الآخر فنورط أنفسنا في احتمال الخطر .

 

          و(جيمس) رجح احتمال الإيمان على نقيضه فقط ، وليس على احتمالات لا حصر لها .

 

          فمن أين (للعظم) أن يغالط هذه المغالطة المفضوحة؟

          من أين جاء بقصة عدد الأخطاء التي لا نهاية لها في موضوع ليس فيه إلا احتمالان متناقضان فقط؟

 

          إنها قصة في البحث العلمي ، ولكن ليس هذا مكانها ، إنه يضع الأشياء في غير مواضعها ، إما على سبيل الجهل واختلال الموازين المنطقية لديه ، وإما على سبيل المغالطة واستغفال القارئ والتغرير به ، ولكن أي قارئ حصيف قادر على كشف هذا الزيف الذي صنعه .

 

          وبعد هذا التزييف المقصود الذي أراد به السفسطة والمخادعة ، ظن أنه ملك ناصية حجة متينة وبلغ ما يريد من تهديم للأبنية الفكرية الإيمانية فقال في الصفحة (77).

         

          " لا شك إذن أنه – خلافاً لرأي جيمس – من الحكمة أن نخاف من الوقوع في الخطأ أكثر بكثير من أن نتسرع في الانصياع مع أملنا في العثور على الاعتقاد الصحيح والصادق ، خصوصاً قبل تصفية احتمالات الخطأ إلى أدنى حد ممكن ، عن طريق التفكير العلمي ومنهجه المعروف ".

 

          وهنا نلاحظ أنه قد يكون دارساً لمنهج التفكير العلمي ، ولكن لا يعرف مواضع تطبيقه ، والأعجب من ذلك أنه يأخذ لنفسه بالاحتمال المقابل ، دون أن يناقش نفسه بما ناقش به (جيمس) ، وهذا يدل على أنه يغالط ويراوغ ،ويجادل بالباطل .

 

          لقد أثبت هذا الملحد على نفسه وعلى طرائق الملحدين صوراً فيها الكثير مما يضحك العقلاء ، إن كان يستهين بمنطق القراء ومدى ثقافاتهم فليعلم أن صغار المثقفين الإسلاميين قادرون على كشف مغالطاته وتزييفاته .

 

          لقد تجاوز في صنيعه قواعد التفكير العلمي ومنهجه المعروف ، ومشى في صحرائه التائهة يتغنى بقول الشاعر:

[1] من كتاب "الدين في مواجهة العلم"، تأليف وحيد الدين خان .

      سارت مشرِّقة وسرتُ مغرباً *** شتان بين مشرِّق ومغرِّب

 

          ثم بعد أن ظن أنه قد قرر النتيجة المفحمة قال :

          " حتى لو كان الاعتقاد الذي تقبلناه عن طريق العاطفة والميول صادقاً وصحيحاً بمحض المصادفة ، فلن يكون له قيمة ، لأن شأن هذا الاعتقاد هو كشأن الوصول إلى المال عن طريق السرقة ، عوضاً عن طريق العمل الشريف . أي : إننا وصلنا إلى هذا الاعتقاد الصادق بطريق غير مشروعة ، ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة ".

 

          ونحن لا نريد أن نعلق على هذه المناقشة الضعيفة الواهنة كثيراً ، لأن موضوعنا لا يهمنا ، باعتبار أن قضية الإيمان بالله وتعالى وبما جاءنا عنه ، هي بالنسبة إلينا قضية علمية ، توصلنا إليها بالمنطق السليم ، والحجة الدامغة ، والبرهان القاطع ، ولا شأن لنا بمن أنكرها أو أغمض بصيرته عنها .

 

          ولكن ننتقد هذه المناقشة من وجهين:

          الأول:  ما أسماه بالمصادفة التي قد توصل الإنسان إلى الاعتقاد الصحيح الصادق ، قد شبهه بكسب المال عن طريق السرقة ، عوضاً عن طريق العمل الشريف ، وكان منطق التشبيه يقضي عليه بأن يشبهه بالعثور على منجم في جبل ، أو لُقَطَةٍ في صحراء ، أو كنز لا مالك له .

 

          على أن القضية بالأساس ليست من قبيل المصادفة ، إنما هي من وجهة نظر (جيمس) ترجيح قائم على نظر صحيح ، يحق للإنسان معه أن يتخذ مذهباً .

 

          يضاف إلى هذا أن الإلحاد الذي تمسَّك به (العظم) وأضرابه ، هو الذي يصح أن يوصف بأنه عمل غير مشروع ، إلا سند لمذهب الإلحاد مطلقاً ، فلا يوجد دليل ولا شبه دليل يدعمه ، بل فيه رفض لأدلة الإيمان المثبتة ، أو لأدلته المرجَّحة على أدنى المستويات ، كالدليل الذي اعتمد عليه (جيمس).

 

          الثاني:  كان الأحرى بالعظم أن يطبق على مذهبه الإلحادي قوله:

          "ولا يمكننا أن نقيم مبادئ عامة للوصول إلى آراء مدروسة على أساس المصادفة".

 

          إنه يمنع الأخذ بالمصادفة في مجال البحث النظري للوصول إلى أفكار صحيحة ، ويقبل مبدأ وجود الأحداث الكونية وتغيراتها وقوانين الطبيعة كلها والإنسان وعقله الذي يفكر فيه على أساس المصادفة .

 

          هذا مع أننا من وجهة نظرنا الإسلامية لا نقبل أن تكون المصادفة أساساً لإقامة عقائد وآراء ومفاهيم ، ولا لقيام أحداث كونية كبرى ذات نظم محكمة ، وقوانين ثابتة ، ومن عثر مصادفة على رأي صحيح أو اكتشاف علمي ، فإننا لا نقبله منه ما لم يدعمه بعد المصادفة بالأدلة الكافية ، أو بالتجربة الصحيحة القابلة للإعادة والتكرار .

 

          ثم يختم (العظم) نقده لبحث (وليم جيمس) بقوله:

          "في معرض نقدنا لرأي (جيمس) يجب أن نذكر أن المفكر الذي لا يعتقد بوجود الله ، أو يعلق الحكم حول الموضوع بأسره ، قد لا يفعل ذلك من جراء تكوينه العاطفي ، باعتبار أنه ربما كان بطبيعته العاطفة أميل إلى الاعتقاد منه إلى الرفض . إنه يفعل ذلك لأن القناعات الفكرية التي تشكلت لديه على أسس علمية واضحة لا تسمح له بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي ، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه".

 

          في كلامه هذا اعتراف ضمني بدليل الفطرة التي تهديه وتنزع به إلى الإيمان (فطرة الله التي فطر الله عليها) ولكنه يكبت فطرته بأوهام الجحود والإنكار ، وبما أسماه من قناعات ، وهي لا تزيد على أنها مواقف عنادية ، مشحونة بالأكاذيب والمغالطات والسفسطات الجدلية . ففي كل أقواله وجدلياته ، وفي كل ما ساقه من أقوال لأساتذته ، لم نجد ما يولِّد أية قناعة لباحث عن الحقيقة صادق في بحثه .

 

          والسفسطة والمغالطة والكذب لا تشكل له عذراً مقبولاً بين يدي ربه ، حينما يأتي ذليلاً حقيراً لا يملك شيئاً .

 

          أما زعمه بأن المؤمن بالله لا تسمح له القناعات الفكرية بأن يعتقد بوجود الله دون أن يقع في تناقض ذاتي ، ودون أن يضحي بوحدة تفكيره ومنطقه ، فزعم لم يقم عليه دليلاً في كل ما كتب ، وإنما ألقاه كلاماً تقريرياً خالياً من أية حجة صحيحة ، وما ساق من جدليات مختلفة لم يحتوِ على شيء مما يدعم بصدق هذا الزعم ، أو يقدم لصاحبه عذراً فكرياً مقبولاً عند الله أو عند العقلاء من الناس .

 

          ثم لا يقتصر على الاعتراف الضمني بوجود الفطرة النزاعة إلى الإيمان ، بل يرتقي إلى الاعتراف الصريح بوجود الشعور الديني في الفطرة الإنسانية ، ولكنه لا يحاول أن يجد طريقاً لتنفيس هذا الشعور وتلبيته بألوان من التعويض الذي لا يسد مسداً صحيحاً ، أو بلون من ألوان الوثنية .

 

          يقول في الصفحة (78) من كتابه:

          " هذا لا يعني أنني أريد نسخ الشعور الديني في تجارب الإنسان من الوجود ".

 

          أي : ما سبق في كلامه من توجيهه حربه الشعواء على الدين ، لا يعني أن الشعور الديني غير موجود بصفة أصيلة في الفطرة الإنسانية بل هذا الشعور موجود ، وهو ينزع في داخل النفس الإنسانية نزوع الدوافع الفطرية الأصيلة ، التي تتطلب تلبية نفسية وروحية ومادية ، وتلبية هذا الشعور يكون بالإيمان والعبادة .

 

          لكن (العظم) يعترف بوجود هذا الشعور الديني ، ويحاول عزله عن التلبية الصحيحة ، إذ يُغرية بأوهام لا تُلبي دوافعه تلبية صحيحة ، فيصرفه عن عبادة الله الحق إلى أوهام عبادات وثنية مختلفة يخترعها له ، كعبادة الجمال ، أو عبادة البحث عن الحقيقة ، أو عبادة الأهواء والشهوات ، أو عبادة مطالب الحياة والأعمال المؤدية إليها ، ويلحق بذلك عبادة القادة والأسياد ، وعبادة الأحزاب ، وعبادة الشياطين .

 

          وفي هذا يقول متابعاً كلامه:

          "يجب تحرير هذا الشعوب الديني من سجنه ، ليزدهر ويعبر عن نفسه بطرق ووسائل مناسبة للأوضاع والأحوال التي نعيشها في حضارة القرن العشرين . لذلك علينا أن نتنازل عن الفكرة التقليدية القائلة بوجود شيء كحقيقة دينية خاصة ، وأن نوجه اهتمامنا نحو الشعور الديني المتحرر من هذه الأعباء والأثقال".

 

          إنه بهذا يريد أن يُرجع الناس إلى الجاهلية الأولى ، وإلى عبادة الأوثان ، وبعد أن حاول صرف الشعور الديني عن الله جلَّ وعلا ، وتوجيهه للوثنيات المادية والخيالية قال:

 

          "وقد يتمثل الشعور الديني بهذا المعنى في موقف الفنان من الجمال ، أو في موقف العالم من البحث عن الحقيقة ، أو في موقف المناضل من الغابات التي يعمل لتحقيقها ، أو في موقف الإنسان العادي من أداء واجباته الحياتية واليومية".

 

          لقد كان بإمكانه أن يعبد الله وحده وهو في هذه المواقف كلها ، لأن عبادة الله بمعناها الواسع تتمثل في كل عمل أو تصور أو عاطفة ،مما أذن الله به إذا ابتغى به الإنسان مرضاة الله تعالى ، لكنه – وكذلك سائر الملحدين – يكرهون الخضوع لمن خلقهم ، ويلذ لهم أن يخضعوا لخلقه .

 

          إن الدين ومشاعره والدوافع إليه حقائق مغروزة في الفطرة الإنسانية ، لا يملك أي إنسان نسخها من الواقع الإنساني ، مهما حاول التضليل في الأمر ، وفي حال كبتها يعيش الإنسان ضائعاً قلقاً مضطرب المشاعر ، ذا حاجة أصيلة في نفسه ، وهذه الحاجة محرومة من التلبية الصحيحة .

 

          في كل إنسان إحساسات فطرية صادقة ، تنزع به إلى الإيمان بوجود خالق لهذا الكون كله ، ومشاعر فطرية صادقة تتوجه نحو هذا الخالق العظيم بالدعاء ، وبطلب المعونة والإمداد الدائم ، وتتوجه إليه بالخشوع والإجلال والحب ، وحاجات فطرية أصيلة لعبادته والتماس الصلة به ، وهذه الإحساسات والمشاعر الفطرية تشترك بالإحساس والشعور بها جميع الخلائق المدركة ، على اختلاف نزعاتها ، ومستويات ثقافاتها ، في البيئات البدائية ، وفي المدن المتحضرة ، وفي منتديات المثقفين ، وفي قاعات العلوم والفنون والمختبرات .

 

          إنها صبغة الله ، وفطرته التي فطر الناس عليها ، هذه حقيقة بيَّنها الله بقوله في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول):

 

          {صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ}

 

          وبقوله في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):

 

          {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.

 

          ولكن قد نجد هذه الفطرة مغشى عليها في نفوس بعض الملحدين ، ولهذا الغشاء سبب ، فالفطرة هذه لا تنطمس إلا في نفس من بالغ في الانحراف من الناس ، بدافع غير أخلاقي ، كالكبر والعناد ، أو الرغبة بالفجور ، والانطلاق في الأهواء والشهوات ، مع التهرب من مشاعر العدالة الإلهية ، وملاحقة الضمير الديني للسلوك . أو في نفس مُضلَّلٍ لعبت بأفكاره وعبثت بشهواته شياطين الإنس ، من ذوي المصلحة الأساسية في نشر الإلحاد والكفر بالله في الأرض . ولكن المشاعر الفطرية لدى هؤلاء وأولئك تظل مكبوتة محرومة من التلبية وتنفيس الكرب الذي يتولد عن الكبت ، ثم تحاول التنفيس بطرق غير طبيعية ، وهذا التنفيس يظهر في صورة هيستيريا عصبية انفعالية ، مع الفن تارة ، ومع الخمر والمخدرات تارة أخرى ، ومع الانتحار أحياناً ، ومع (الهيِّيَّة) أحياناً أخرى ، وفي جنون الحرب ، وفي جنون الانعزالية والانطوائية ، وفي جنون العظمة وادعاء الربوبية ، إلى غير ذلك مما لا يحصى.

 

          ومع ذلك فإن هذه الفطرة فقد تتيقظ في نفوس أعتى الكفرة والملاحدة المجرمين ، وذلك حينما تشتد عليهم مصائب الحياة ، ويقعون في مخاطر محدقة بهم ، ولا يجدون وسيلة مادية لدفعها ، وهذا ما حصل لفرعون حينما أدركه الغرق فقال : "آمنت برب موسى وهارون آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل".

 

          وهذه صورة تتكرر في حياة الإنسان ، كلما أحاطت به شدة لا يجد وسيلة مادية لتفريجها ، وقد كشف الله عنها بقوله في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول):

 

          {وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً}

 

          وكشف عنها سبحانه بقوله في سورة (يونس/10 مصحف/51 نزول):

 

          {هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ * فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.

 

          هذا هو واقع الفطرة الدينية في النفوس الإنسانية ، إلا أن الملحد (العظم) حاول تحويل هذه الفطرة عن الإيمان بالله وعبادته ، إلى الإيمان بالمادة وعبادتها ، بتوجيه المشاعر الدينية الفطرية نحوها ، فبعد أن قال:

 

          "لا أريد نسخ الشعور الديني في تجارب الإنسان من الوجود".

 

          قال:

          "ولكن أرى من الضروري التمييز بين الدين وبين الشعور الديني ، ذلك الشعور المسحوق تحت عبء المعتقدات الدينية التقليدية المتحجرة ، وتحت ثقل الطقوس والشعائر الجامدة".

 

          يبدو أنه يلقي ما في فكره ونفسه من تحجر وجمود على المعتقدات الإسلامية والشعائر الدينية ، حسبه جموداً وتحجراً أنه يرفض الحق المدعم بالأدلة الواضحة ، ويكابد ويكدح وراء أوهام وخيالات لا دليل عليها .

 

          يريد أن يجعل بدل الصلاة مثلاً (رقص الباليه) ، وبدل الحج إلى بيت الله الحرام الحج إلى محنط (لينين)، وبدل ارتياد المساجد ارتياد المواخير والحانات ، وبدل عبادة الله عبادة الأوثان والأشخاص ، ليتخلص من الشعائر الدينية الجامدة بزعمه .

 

          وإنني غيرة عليه – وعلى كل كافر بالله ملحد – أنصحه بأن يرتدع عن غيه ، قبل أن ينزل الله به نقمته ، ببلاء لا ينقذه منه أحد إلا الله .

 

          إن ربك لبالمرصاد ، وإنه لشديد العقاب ، وإنه سبحانه يمهل ليفتح طريق الرجعة إليه والتوبة والاستغفار ، ولا يهمل ، إنه يملي للكافرين ، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، وليسمع قول الله تعالى في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول):

 

          {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.

 

          وقوله سبحانه في سورة (الحج/22 مصحف/103 نزول):

 

          {فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}.

 

*     *     *

 



» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.