« الأحمدية القاديانية ونزول المسيح مرة أخرى »






الأحمدية القاديانية ونزول المسيح مرة أخرى .

 





 بقلم /   أ. د . إبراهيم محمد خان

 





          لقد أنكرت الأحمدية القاديانية ممثلة في شخص الغلام مؤسسها أو أتباعه، عقيدة عودة المسيح ثانية، لأنه على هذا الإنكار قامت دعوته، أنه هو المسيح الآتي.

 





فالغلام يرى أن عقيدة عودة المسيح:

 





1 - باطلة: "أما نزول عيسى من السماء فقد أثبتنا بطلانه في كتابنا (الحمامة) وخلاصته أننا لا نجد في القرآن شيئاًً في هذا الباب غير وفاته"(1).

 





2 - جاءت من المسيحيين: "إن عقيدة رجوع المسيح وحياته كانت من نسيج النصارى ومفترياتهم. إن الذين ظنوا من المسلمين أن عيسى نازل من السماء، ما أتبعوا الحق، بل هم في الضلال يتيهون" (2).

 





3 -المسيح لم يصعد إلى السماء بل مات، لذا فهذه العقيدة لا سند لها: "فمن سوء الأدب أن يقال إن عيسى لم يمت، وهو شرك عظيم يأكل الحسنات ويخالف الحياة، بل هو كمثل إخوته مات، كمثل أهل زمانه وأن عقيدة حياته قد جاءت في المسلمين من الملة النصرانية" (3).

 





4 - غباء من يؤمن بها: "إن بعض الصحابة الذين ليس لهم حصة من الدراسة وكانوا من الأغبياء -مثل أبي هريرة الذي كان غبياً، وليس له دراسة جيدة- ويعتقدون بحياة عيسى ونزوله من السماء" (4).

 





5 - استعارة وإعلان عن عودته هو: "إن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح بن مريم قد ُرفع إلى السماء بجسده العنصري، وأنه سينزل من السماء، في عصر من العصور، وقد أثبت في كتابي (فتح إسلام) أنها عقيدة خاطئة، وقد شرحت أنه ليس المراد من النزول هو نزول المسيح بل هو إعلام -على طريق الاستعارة- بقدوم مثيل المسيح وإن هذا العاجز هو مصداق هذا الخبر حسب الإعلام والإلهام"(5).

 





          وقد أثير موضوع عودة المسيح والفكر القادياني في مصر سنة 1942م، عندما تقدم هندي يُسمى عبد الكريم خان في القيادة العامة لجيوش الشرق الأوسط، بسؤال إلى مشيخةالأزهر،

 





جاء فيه: "هل عيسى حي أو ميت في نظر القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما

 





حكم المسلم الذي ينكر أنه حي، وما حكم من لا يؤمن به إذا فرض أنه عاد إلى الدنيا مرة أخرى؟".

 





"وقد صدر العدد رقم 463 من (مجلة الرسالة) يوم الاثنين الموافق 1/5/1942م يحمل فتوى الشيخ محمود شلتوت، عنوانها (رفع عيسى) ومضمونها أن عيسى مات موتاً حقيقياً، وأنه لم يُرفع بجسمه إلى السماء، وأنه لا ينزل في آخر الزمان، وأن الأحاديث الواردة في ذلك آحاد، وأن الآحاد لا يُعمل بها في العقائد والمغيبات بالاجماع، وأنها مضطربة اضطراباً لا مجال معه للجمع بينها، وأنها فوق ذلك من رواية وهب بن منبه وكعب الأحبار، وأن درجتهما عند أهل الحديث معروفة -أي أنهما غير مقبولين أو غير ثقتين- إلى غير ذلك مما جاء في تلك الفتوى" (6).

 





          والشيء المؤسف أن هذا الفكر القادياني وجد من يؤيده في مصر، فقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - ، تحت عنوان: "القول بهجرة المسيح وموته في بلدة سرى نكرا في كشمير": يوجد في بلدة سرنكرا مقبرة فيها مقام عظيم، يقال هناك، أنه مقام نبي جاء إلى بلاد كشمير من زهاء ألف وتسعمائة سنة يُسمى "بوزأسف" وأن اسمه الأصلي عيسى صاحب، وكلمة صاحب في الهند لقب تعظيم، وأنه من بني إسرائيل وأنه ابن ملك، وأن هذه الأقوال مما يتناقله أهل تلك الديار عن سلفهم وتذكره بعض كتبهم، وأن دعاة النصرانية الذين ذهبوا إلى ذلك المكان لم يسعهم إلا أن قالوا: إن ذلك القبر لأحد تلاميذ المسيح أو رسله، ذكر ذلك بالتفصيل غلام أحمد القادياني الهندي في كتابه الذي سماه (الهدى والتبصرة لمن يرى) وذكر فيه أنه بالإجمال، وأن تفصيل هذه المسألة يوجد في كتاب معروف هناك اسمه (إكمال الدين) وذكر أكثر من سبعين اسماً من أسماء أهل ذلك البلد الذين قالوا: إن ذلك القبر هو قبر المسيح عيسى بن مريم¨ . ورسم صورة المقبرة بالقلم، وأما قبر المسيح فوضعه في الكتاب بالرسم الشمسي (الفوتوغرافي)، مكتوباً عليه "مقبرة عيسى صاحب".

 





          وغلام أحمد هذا يفسر الإيواء في قوله تعالى: "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" 23: 5. يفسره بالهجرة إلى الهند والتنجية من الهم والكرب والمصائب والمخاوف. واستشهد بقوله تعالى: "ألم يجدك يتيماً فأوى" 93: 6، وقوله تعالى: "اذكروا إذ أنتم مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره" 8: 6، وقوله حكاية نوح: "آوى إلى جبل يعصمني من الماء" 11: 43، والربوة المكان المرتفع، وبلاد كشمير من أعلى الدنيا، وهي ذات قرار مكين، وماء معين والمشهور عند المفسرين، أن هذه الربوة هي رملة فلسطين أو دمشق الشام، ولو آوى الله المسيح وأمه إليهما لما خفي مكانهما، ولا سيما إذا كان ذلك بعد محاولة صلبه وتألب اليهود عليه، كما يدل عليه لفظ الإيواء، الذي لم يستعمل في القرآن إلا في الإنقاذ من المكروه، كما علم من الأمثلة المذكورة أيضاً، ومثله قوله تعالى في الأنصار: "والذين أووا وأجروا" 8: 72، وفي يوسف: "آوى إليه أخاه. فقال إني أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون" 12: 69، وفي آية أخرى: "فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه، وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" 12: 39.

 





ولم يكن قبل تألب اليهود عليه والسعي لقتله وصلبه في مخافة يحتاج فيها إلى الإيواء في مأمن منهم، ففراره إلى الهند وموته في ذلك البلد ليس ببعيد عقلاً ولا فعلاً"(7)

 





الرد:

 





          بعد أن صدرت فتوى الشيخ شلتوت قام بالرد عليها الشيخ عبد الله الغمارى (8)، والشيخ محمد زاهد الكوثري (9)، والشيخ محمد حامد الفقي(10)، وغيرهم من الشيوخ الأجلاء، وفندوا ما جاء في هذه الفتوى، وأكدوا رفع المسيح الجسدي وعودته مرة ثانية وكونه علم الساعة.

 





والشيخ محمد رشيد رضا نفسه بعد أن عرف الحقيقة كتب: "إن غلام القادياني لا يوثق بنقله ولا بعقله كما يعلم من كتبه المتناقضة، وقد كان يدّعي أنه المسيح عيسى بن مريم الذي أنبأت الأحاديث بأنه سينزل آخر الزمان من السماء وأنه يوحى إليه، ونشر من وحيه الشيطاني في كتبه كثيراً من النثر والشعر الشخصي، ويتأول الأحاديث الواردة في المسيح تأويلات لا تقبلها اللغة العربية أن تدخل في باب من أبواب الحقيقة ولا المجاز ولا الكناية، وإنما عني بما نقله عن مقبرة كشمير، لأنه يستدل به على زعمه أنه هو المسيح المنتظر، وقد فندت دعواه الخرافية في مقالات نشرتها في المنار، كان لها تأثير عظيم في الهند، ونقلتها الجرائد وترجمتها، واضطر هو إلى الرد عليها بل الهجاء لي بوحيه الشيطاني بما يسخر منه العقلاء، وكان داعية للدولة البريطانية يمدحها ويقول بوجوب حبها والخضوع لها وتحريم عصيانها، والخروج علينا. وبهذا يتيسر له جمع ثروة كبيرة وعصبية وأتباع يفرقون كلمة المسلمين ويدعون الناس إلى الإيمان بنبوته ومسيحيته، وقد أفتى علماء المسلمين بكفره وكفرهم كفانا الله شرهم" (11).

 







 





فالفكر الإسلامي لا يؤيد القادياني ويشكك في صحة دعاوي الغلام، فالشيخ محمد أبو زهرة، بعد أن نقل عن تفسير المنار -ما سبق- قال: إن الغلام أحمد راو يشك في صدقه" (12)، والشيخ عبد الوهاب النجار قال: "في رأيي أن دعواه مجيء المسيح إلى الهند أمر يحتاج إلى بحث واف وتحقيق دقيق، ولا يمكن تصديقه إلا بظهور الأمر ظهوراً بيناً قاطعاً لكل شبهة، ولو ثبت ذلك ما أفاده شيئاًً، لأننا إذا تمشينا مع الأحاديث وجدنا فيها علامات منها أنه يقتل الدجال... وهذا لم يحصل من ذلك الرجل" (13).

 





وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 







 





1- خطبة الإلهامية. للغلام. ص4. عن أباطيل القاديانية. ص56.

 





2 - المرجع السابق. ص6، عن أباطيل القاديانية. ص57.

 





3 - أعحازي أحمدي. ص22، عن أباطيل القاديانية.

 





4 - المرجع السابق.

 





5 - توضيح المرام. ص2، عن القادياني والقاديانية. أبو الحسن الندوي. ط3 سنة. الدار السعودية للنشر. ص9.

 





6 - إقامة البرهان على نزول عيسى آخر الزمان. الشيخ عبد الله الصديق العمارى. ص18-19.

 





7 - تفسير المنار. جـ6. ص35-36، عقيدة الصلب والفداء. ص40-41. دار الفتح للإعلام العربي.

 





8 - إقامة البرهان.

 





9 - نظرة عابرة في مزاعم من ينكر نزول عيسى بن مريم في الآخرة. الشيخ محمد زاهد الكوثري.

 





10 - مجلة الهدى. الأعداد 15-20 للسنة 6.

 





11 - عقيدة الصلب والفداء. ص42.

 





12 - محاضرات في النصرانية. للشيخ محمد أبو زهرة.ط4. ص46.

 





13 - قصص الأنبياء. الشيخ عبد الوهاب النجار. ص509-510.

 





» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.