« حرص الإسلام على إيمان الناس وإنقاذهم من الكفر وشروره »






حرص الإسلام على إيمان الناس

وإنقاذهم من الكفر وشروره

من كتاب :

      صِرَاعُ مَعَ المَلاحِدَة حتى العظم

      تأليف

      عبد الرحمن حسن حبنّكة الميدان

 

 

          من روائع مضمون رسالة الإسلام أنها تحرص أشد الحرص على إيمان الناس وهدايتهم ، رغبة بإنقاذهم ونجاتهم وسلامتهم وسعادتهم .

 

          وقد حث الإسلام المؤمنين به على إرشاد الناس ودعوتهم إلى الإيمان والعلم الصالح ، وسلوك سبيل الحق والخير والفضيلة ، وعلى قتالهم في بعض الأحوال لإزالة الموانع من نفوسهم ، أو لإزالة الموانع من طريق إيمانهم ، لإنقاذ من يمكن إنقاذه من صفوفهم ، حتى يكونوا مع المؤمنين من أهل دار النعيم سعداء راضين مرضيين ، لا من أهل نار الجحيم أشقياء مطرودين من رحمة الله .

 

          فالدوافع لهداية الناس إلى الإيمان وفعل الصالحات تنبع من منابع الحب وإرادة الخير للناس أجمعين .

 

          ولو أن الناس كلهم كفروا بالله وعصوه لما كانوا يضرون الله شيئاً ، ولو أنهم جميعاً آمنوا به وأطاعوه لما نفعوا الله شيئا ً، ولما زادوا في ملكه شيئاً ، ولكن الله يحب لعباده أن يؤمنوا ويصلحوا حتى يسعدوا ، ويكره لهم أن يكفروا ويفسدوا حتى لا يكونوا من أهل الشقاوة والعذاب .

 

          وقد جاء في الحديث القدسي الثابت في الصحيح ، أن الله تعالى قال : "يا عبادي : إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً . يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيَط إذا أدخل البحر . يا عبادي : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".

 

          وما تضمنه هذا الحديث القدس نجده في نصوص عدة من القرآن الكريم .

 

          فمنها قول الله تعالى لرسوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول):

          {وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

 

          فالله تبارك وتعالى يخفف عن رسوله صلوات الله عليه حالة الحزن التي كانت تعتريه ، حين يشاهد بعض قومه يسارعون في الكفر ، ويبين له أن وظيفته في الناس التبليغ والدعوة إلى الله ، وليست وظيفته تحويل الناس إلى الهداية ، فإنهم هم المسؤولون عن أنفسهم وعن سلوك سبيل الهداية ، ويبيِّن له أيضاً أن الذين يسارعون في الكفر والذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئاً.

 

          أي : فالحرص على إيمانهم خدمةٌ لهم وغيرَةٌ عليهم ورغبةٌ في نجاتهم وسعادتهم .

 

          ومنها قول الله تعالى في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول):

          {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}

         

          فهؤلاء الذين اختاروا الكفر ، وأضافوا إليه الصد عن سبيل الله . ومعاداة الرسول ، من بعد ما تبين لهم الهدى ، إنهم في أعمالهم هذه كلها لن يضروا الله شيئاً ، وما يعملونه من أعمال للصد عن سبيل الله ومناهضة الرسول ومقاومة الإسلام والمسلمين فسيحبطها الله وسينصر أولياءه .

 

          فلن يضروا الله شيئاً ، ولن يضروا أولياه وحملة رسالته إذا صدق هؤلاء مع الله ، ولن ينالوا منهم إلا أذى قد يصيبهم في الدنيا في أنفسهم أو أموالهم أو أرضهم ، وعاقبة الظفر والنصر ستكون لهم بتأييد الله ونصره المبين ، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) خطاباً للمؤمنين في معرض الحديث عن اليهود:

          {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}

 

          وأوضح الله تبارك وتعالى أنه غني عن عباده ، ولكن لا يرضى لعباده رجس الكفر ورذائل الفسق والعصيان ، بل يحب لهم طهارة الإيمان ، وفضائل الاستقامة والطاعة ، ثم يجازيهم على أعمالهم بالعدل . فقال الله تعالى في سورة (الزمر/39 مصحف/59 نزول):

          {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ}

 

          ومن كفر فعليه كفره ، ولا يزيده كفره عند ربه إلا مقتاً وخساراً ، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول):

          {هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً}

 

          ويقابل هذا أن من آمن وعمل صالحاً فلنفسه يقدم الخير ، وهذا ما بيَّنه الله تعالى بقوله في سورة (الروم/30 مصحف/84 نزول):

          {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

 

          من كل ذلك تتضح لنا الحقائق التالية:

          1- أن الله غني عن إيمان عباده وطاعتهم .

          2- أن الكافرين لا يضرون الله شيئاً .

          3- أن أعمال الكافرين لن تضر المؤمنين الصادقين مع الله إلا أذى .

          4- أن من كفر فعليه كفره .

          5- أن من آمن وعمل صالحاً فله عمله .

 



» تاريخ النشر: 26-11-2009
» تاريخ الحفظ:
» شبكة ضد الإلحاد Anti Atheism
.:: http://www.anti-el7ad.com/site ::.