عرض المقال :رسول الله صلى الله عليه وسلم والدمــاء!
  الصفحة الرئيسية » مـقـالات الموقـــع » الرد على شبهات حول الإسلام » الرد على الشبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

اسم المقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم والدمــاء!
كاتب المقال: webmaster2

رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والدماء

 




 



الشيخ / رفاعي سرور

 




 



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

 



من أخطر الشبهات المثارة ضد الإسلام هي مسألة الدماء وتحديداً موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.

 



حيث أن الحرب على الإسلام تدور أساساً على الموقف الشخصي للرسول صلى الله عليه وسلم من الدماء.

 



وحسم هذه الشبهة يكون من خلال عدة محاور:

 



- العفو في المواقف التي يملك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

 



- الموازنة بين الطبيعة الشخصية والأحكام الملزمة للرسول عليه الصلاة والسلام.

 



- كشف الحالة التي يكون عليها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يحقق ما تقتضيه الأحكام الملزمة.

 



فالتفريق بين موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدماء إذا كان الأمر متعلقاً بشخصه وبين الأمر إذا كان متعلقاً بالرسالة.

 



لأن الموقف الذي كان يملك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم العفو هو الموقف الذي يكشف الطبيعة الشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والحقيقة الإعجازية لعفو رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي بلغت درجة لا يستطيعها أحد هي أول عناصر الحسم في الموضوع.

 



        رجل كافر اسمه هبار بن الأسود... يعرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغم أن العرب لا تتعرض للنساء ورغم أنها لم تتعرض لأحد من المشركين بل كانت في طريق هجرتها ورغم أنها كانت حامل.. نخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها.

 



ولكنه يسلم فيقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامه ولا يكلمه كلمة واحدة فيما فعل بابنته.

 



        والوحشي قاتل الحمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

 



لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أردت الهرب منه أريد الشام فأتاني رجل فقال: ويحك يا وحشى والله ما يأتي محمداً أحد يشهد بشهادته إلا خلى عنه فانطلقت فما شعر بي إلا وأنا واقف على رأسه أشهد بشهادة الحق.

 



فقال: «أوحشي؟».

 



قلت: وحشى, قال: «ويحك حدثنى عن قتل حمزة»، فأنشأت أحدثه كما حدثتكما.

 



فقال: «ويحك يا وحشى غيب عنى وجهك فلا أراك» فكنت أتقى أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم [السنن الكبرى للبيهقي - (ج 9 / ص 97)].

 



والمرأة اليهودية التي وضعت السم للرسول عليه الصلاة والسلام

 



عن أبى هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة قال: فما عرض لها النبي صلى الله عليه وسلم.

 



كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الذِّرَاعَ فَأَكَلَ مِنْهَا وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ» وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَدَعَاهَا فَقَالَ لَهَا: «أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ». قَالَتِ الْيَهُودِيَّةُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ: «أَخْبَرَتْنِى هَذِهِ فِى يَدِى». لِلذِّرَاعِ. قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا أَرَدْتِ إِلَى ذَلِكَ». قَالَتْ: قُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَنْ يَضُرَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتَرَحْنَا مِنْهُ. فَعَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُعَاقِبْهَا " [رواه أبو داود في السنن].

 



حتى مات بشر بن البراء وكان ممن أكل منها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلها به

 



ولكن الأمر لا يتوقف عند حد الأمر الشخصي كما في الأمثلة المذكورة (ابنة الرسول,عم الرسول, الرسول نفسه) بل يمتد إلى الأمور التي يقتضى فيها منهج الدعوة أمراً آخراً فيكون موقف الرسول صلى الله عليه وسلم فيها الرحمة..

 



حتى فاضت الرحمة عند رسول الله في هذه المواقف على الإطار المنهجي للدعوة مما اقتضى تعقيب القرآن عليها.

 



ولعل أبرز الأمثلة على هذه التعقيبات هي:

 



- قول الله عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِيَن وَلَوْكَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]؛ تعقيباً على استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبو طالب.

 



- وقول الله عز وجل: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أحد مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]؛ تعقيباً على صلاة النبي على عبد الله بن أبي ابن سلول حتى إن رسول الله أعطى قميصه لعبد الله ابن عبد الله بن أبي ابن سلول ليكفن فيه والده استجابة لرغبة الابن في رحمة أبيه.

 



- وقول الله: {مَا كَانَ لِنَبِّيٍّ أَنْ يكُوْنَ لَهُ أَسْرَى حَتْىَ يُثْخِنَ فِي اَلأَرْضِ} [الأنفال:67]؛ وذلك تعقيباً على قبول الفداء من أسرى بدر بدلاً من قتلهم، بعد أن أشار عليه أبو بكر قائلاً: أهلك وعشيرتك.

 



لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحقق مقتضيات المنهج بأوسع مدى من الرحمة موضوعية العفو.

 



ولكن معنى الرحمة لايعني إهدار الدعوة ودماء أصحابها دون العمل على حمايتها.

 



وفي إطار هذا المعنى يكون موضوع العفو مرتبط بتحقيق مصلحة الدعوة.

 



ففي غزوة بدر أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين فمنهم منْ منَ عليه بلا شيء أخذه منه, ومنهم من أخذ منه فديةً ومنهم من قتله, وَكَانَ مِنَ الْمَمْنُونِ عَلَيْهِمْ بِلاَ فِدْيَةٍ أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِىُّ تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبَنَاتِهِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ لاَ يُقَاتِلَهُ فَأَخْفَرَهُ وَقَاتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ يَفْلِتَ فَمَا أُسِرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ امْنُنْ عَلَىَّ وَدَعْنِى لِبَنَاتِى وَأُعْطِيكَ عَهْدًا أَنْ لاَ أَعُودَ لِقِتَالِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَمْسَحُ عَلَى عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ قَدْ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنَ» فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ" [رواه البيهقي في السنن].

 



فلو عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الغادر فلن يكون للعفو عنه إلا أن يفهم الناس أن أي مخادع قادر على أن يخدع المسلمين.

 



ومن المواقف التي تفسر معنى الموضوعية في العفو.. موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ.

 



عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ» فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِله إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ يَامُحَمَّدُ وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَد أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ قَائِلٌ: صَبَوْتَ قَالَ: لاَ، وَلكِنْ أَسْلمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ، وَاللهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم" [أخرجه البخاري في: 64 كتاب المغازي: 70 باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة ابن أثال].

 



فنلاحظ أنه لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى قال: "إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شاكِرٍ".

 



ولما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم له في المرة الثانية قال: "إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ" ولم يذكر الدم فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراحه ولو أطلق رسول الله سراحه في المرة الأولى لكان معنى العفو هو الخوف من قوم الرجل.

 



ـ كما أن موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر عندما يحقق مقتضيات الدعوة منهجياً وهو الأسى على من وجب تحقيق هذه المقتضيات فيهم.

 



وها هو رسول الله يقول بعد أن رأى قريش وقد أنهكتها الحرب «يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب, ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر الناس؟ فإن أصابوني كان الذي أرادوا! وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وهم وافرون! وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة» - أي قاتلوه هو!!! [مسند أحمد (18930)].

 



ومع غاية الرحمة والشفقة فإنه يقول بعد ذلك:

 



«فماذا تظن قريش؟! والله إني لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله له حتى يظهره الله له أو تنفرد هذه السالفة».

 



فحق الدعوة لم يمنع العاطفة، ولكن العاطفة لا تتجاوز حق الدعوة.

 


هذه هي طبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنسانية في التعامل مع الدماء، ولكن هذه الطبيعة لا يريد لها أعداء الإسلام الظهور فيبحثون عن المواقف إلى تشوش على تلك الطبيعة،

 



وقد يكون موقف رسول الله عليه وسلم من يهود بني قريظة من أكثر هذه المواقف إثارة من الأعداء

 



وهذا الموقف نفسه يدل على طبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 



لقد كان من الطبيعي ألا يغيب أمر الانتقام من اليهود لحظة واحدة عن ذهن رسول الله, بعد خيانتهم للمسلمين في أعصب المواقف وأشدها.

 



ولكن الرسول يضع السلاح و يغتسل بعد الغزوة, ويأتيه جبريل فيأمره بحمل السلاح والخروج من جديد, فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَأَيْنَ» بما يعنى أنه لم يكن في ذهنه الخروج إلى بني قريظة.

 



"فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاَحَ فَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَأَيْنَ». فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ فَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ" [رواه مسلم].

 



وأمر جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لبني قريظة يعني وجوب هذا الخروج وشرعيته, ولكننا نناقش الحدث بصورته الواقعية التاريخية من خلال عدة نقاط.

 



الصفحات [1] [ 2]

اضيف بواسطة :   admin       رتبته (   الادارة )
التقييم: 0 /5 ( 0 صوت )

تاريخ الاضافة: 26-11-2009

الزوار: 4435


جديد قسم مـقـالات الموقـــع
القائمة الرئيسية
البحث
البحث في
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك