عرض المقال :دراسة موجزة لإمام من أئمة الملحدين ، هو(فرويد)
  الصفحة الرئيسية » مـقـالات الموقـــع » الرد على شبهات حول الإسلام » الرد على الشبهات العقلانية للملاحدة

اسم المقال : دراسة موجزة لإمام من أئمة الملحدين ، هو(فرويد)
كاتب المقال: الحقيقة

دراسة موجزة لإمام من أئمة  الملحدين ، هو(فرويد)

من كتاب :

 

     صِرَاعُ مَعَ المَلاحِدَة حتى العظم

 

     تأليف

 

     عبد الرحمن حسن حبنّكة الميدان

 

مع فرويد

 

          إني لأعجب أبلغ العجب حينما أجد مثقفاً عربياً يندفع في تمجيد أمثال (فرويد) وهو يعلم أنه يهودي متعصب ليهوديته ، وصديق حميم لهرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة .

 

          أفلا يخطر على باله ولو من قبيل الشك والحذر ، أن التحليلات النفسية التي قدمها (فرويد) تحت ستار الدراسة العلمية المتجردة ، إنما صاغها على الوجه الذي قدمها به ليخدم القضية اليهودية الصهيونية في العالم؟.

 

          أفلا يخطر على باله أن الإلحاد الذي أعلنه لم يكن أكثر من طرح نظري جدلي ، ليفتن الناس به ، وهو في حقيقة وجداني يهودي صميم شديد التعصب ليهوديته ، يخدم عن طريق ستار العلم أغراض الصهيونية؟

 

          وإذا كان كذلك فلا بد أن يكون متهماً في كثير من تحليلاته وآرائه ، وما على الباحثين إلا أن يعيدوا النظر ألف مرة في كل رأي علمي قدَّمه .

 

          فهل يعقل أن يكون صهيوني متعصب ذو أهداف سياسية معلومة ، وأغراض عالمية مرسومة ، تكيد لجميع الشعوب غير اليهودية بلا استثناء ، أميناً على العلم والمعرفة ، صادقاً متجرداً في كل ما يقدم للناس ، لا سيما في أمور نظرية بحتة لا يملك الباحثون فيها أدلة تجريبية تقدم نتائج يقينية؟

 

          على أن هذا التصور الذي يتصوره أي عاقل من قبيل الشك والحذر ، قد أثبته باحثون متتبعون لحياة (فرويد) ولآرائه في مجال الدراسات النفسية وفي غيرها .

 

          ومن الذين تتبعوه : (د. صبري جرجس)[1] وقد وضع هذا الباحث أصابعه على كثير من آراء (فرويد) المقتبسة من جذور التراث اليهودي الصهيوني ، وأوضح في كثير من المناسبات ما يجعل كثيراً من آرائه (نظرياته) محلاً للريبة أو الجزم بأنه إنما وضعها لخدمة أغراض اليهودية العالمية ، ولم يضعها على أساس دراسات علمية متجردة ، ثم حملت الدعايات اليهودية العالمية آراءه (نظرياته) وروجت لها في جميع الأوساط العلمية والثقافية . ثم وضع اليهود كل ثقلهم الكيدي لجعلها معارف علمية تدرس في الجامعات العالمية ، على أنها فتح في ميادين العلم ، وذلك ضمن الخطط اليهودية المرسومة ضد شعوب العالم ، ولمصلحة الشعب اليهودي فقط . ثم رفعت وسائل الإعلام اليهودية العالمية (فرويد) إلى منزلة غير عادية ، وحمله ملاحدة الشعوب غير اليهودية على رؤوسهم ، وداروا به في الآفاق تمجيداً وإكباراً .

 

          مع العلم بأن الإلحاد الذي أعلنه (فرويد) لم يكن إلا خطة سياسية أخفى بها أهدافه اليهودية الصهيونية . كما فعل اليهود بنظرية (داروين) ، وكما فعل (دوركهايم) في بحوثه العلمية التي قدَّمها باسم البحث العلمي وتحت ستاره . ليخفي أغراضه اليهودية الخاضعة لخطط مرسومة من قبل القيادات اليهودية السرية في العالم .

 

          ومن تتبعات (د. صبري جرجس) اقتبس معظم الدراسات التالية عن (فرويد):

 

          يقول (فرويد) عن نفسه : "ولدت في 6 مايو 1856م في مدينة (فريبورج) بمقاطعة (مورافيا) بجمهورية تشيكوسلوفاكيا الحالية ، وقد كان والداي يهوديين ، وظللت يهودياً أنا نفسي".

 

          ويعلق الكاتب على قوله : "وظللت يهودياً أنا نفسي" بأن في قوله هذا إيماءً واضحاً بأنه لم يتخل يوماً عن يهوديته ، على الرغم من إعلانه للإلحاد لأن إلحاده هذا لم يكن إلا إلحاداً ذهنياً ، لم يصل قط إلى وجدانه ، ولم يغير شيئاً من محتويات ذلك الوجدان واتجاهاته .

 

          ونقل الكاتب عن (شويزي) – وهي محللة من خاصة (فرويد) وذات معرفة به وصلة وثيقة – أن إلحاد (فرويد) لم يكن إلا إلحاداً زائفاً ، لأنه تركه بعد ذلك متشبثاً باليهودية الصهيونية ، وفياً لها ، سائراً في طريقها ، منفذاً لمخططاتها .

 

          وبدهي أن ندرك أمام هذا أن إلحاده المزيف إنما هو عملية من عمليات المخادعة اليهودية ، لترويج مصنوعات الفكرية في أسواق معاهد العلم والثقافة ، وأنديتها ، ونشراتها ومؤلفاتها وسائر وسائل إعلامها وهذه المصنوعات الفكرية تحمل في طياتها ألغام نسف الحقائق الفكرية الأصيلة الثابتة لدى الشعوب ، بغية خدمة المخططات اليهودية العالمية .

 

          وقد انخدعت بمكيدته مدارس كثيرة من مدارس التحليل النفسي ، وزعمته باحثاً حيادياً ، ومكتشفاً مبدعاً في مجال دراساته التي قدمها ، وكان للعصابة اليهودية التي انتمت إلى مدرسته أثر عظيم في الترويج لأفكاره وآرائه . وكان من ورائها أجهزة الإعلام اليهودية المنبثة في العالم .

 

          ويؤكد الكاتب المتتبع فيقول : "وليس في حياة (فرويد) ما يومئ بأنه قد تخلى يوماً عن يهوديته ، بل إن فيها ما يؤكد تمسكه بها ، واستغراقه فيها إلى درجة غير مألوفة".

 

          ثم عقد المشابهة بين إلحاده وإلحاد (بن غوريون) وغيرهما من اليهود الذين يعلنون عن إلحادهم ، وذكر أنه مثل إلحاد فرويد في ذاته ، ومن خصائصه أنه لا يرى حرجاً أو تناقضاً في الجمع بين إنكار الله وبين الإيمان بدعوة دينية عنصرية متعصبة تستند إلى كتاب مقدس .

 

          ثم فرق الكاتب بين (بن غوريون) و(فرويد) ، فقال : "ولعل الفارق بينهما أن (بن غوريون) أعلن عن إلحاده ، ثم اتجه في الوقت نفسه إلى العمل السافر من أجل الدعوة العنصرية المتعصبة ، بينما جعل (فرويد) من إلحاده قناعاً يحاول أن يخفي وراءه الوجه القبيح لهذه الدعوة".

 

          وذكر الكاتب : أن (فرويد) كان يعتز جداً بيهوديته ، وكان على معرفة متضلعة بالحياة اليهودية ، وبالجوانب العقائدية لها ، وبالطقوس الخاصة بها ، وكان يرجع إلى التوراة ويقرؤها ويعجب بما فيها من فكر وفلسفة ، وهذا على خلاف ما أعلنه من إلحاد مزيف .

 

          ألا فليعلم (د. العظم) وسائر ملحدي العرب وغير العرب الذين يتنكرون لدينهم أمتهم هذه الحقائق عن (فرويد) وأمثاله قبل أن يتبعوهم .

 

          وقصة التظاهر بالإلحاد من قبل المضللين اليهود وغيرهم قصة متكررة معروفة ومدروسة ، وهي خطة من خطط المكر بأبناء الأمم الأخرى .

 

          ففي الوقت الذي يكون فيه اليهودي متعصباً شديد التعصب لدينه ، شديد الإيمان به ، والثقة بتعاليمه ، يرى من وسائل خدمة دينه وخدمة الشعب اليهودي ، وخدمة أهدافه السياسية ، أن يتظاهر بالإلحاد وإنكار الله ، وبعدم تمسكه بالدين ، ثم يقدم في أوساط أبناء الأمم الأخرى أفكاراً ومذاهب وعقائد مناقضة لما في الدين ، ويزينها بزخرف من الصياغة النظرية ، ويُلبسها أثواب البحث العلمي المتجرد ، لتفتتن بها الأجيال الناشئة ، وتتلقفها دون أن تشعر بالحذر من أغراض صاحبها ، لأن صاحبها لا ينتمي فكريا ًكما أعلن إلى أي دين حتى يتعصب له ويعمل من أجله .

 

          وهكذا تنطلي الخديعة ، ويدخل المكر على أبناء الأمم ، فيتركون أديانهم بحماسة ، ويقاومونها بشدة ، ويحملون آراء المضلل على رؤوسهم ، على أنها حقائق علمية لا تقبل النقض ولا المعارضة ، ويُضفُون عليها من القدسية العلمية ثوب إجلال وإكبار ، ويروجون لها في أسواق العلم ، وأندية الثقافة ، وأوكار الأحزاب المتصلة بواضعي الخديعة والمخططين لها ، ويكونون جنوداً صادقين في خدمة أفكار المضلل وآرائه ، مع العلم بأنه هو غير صادق فيها ، وإنما اتخذها وسيلة لخدمة غاية أخرى قد وضع عليها قناعاً كثيفاً ، ليستُرها عن جنوده وأتباعه ، ومروجي آرائه ، ومنفذي مخططاته وهم لا يعلمون ، أو هم يعلمون ولكنهم مستأجرون .

 

          نشأ (فرويد) نشأ يهودية مغلقة ، تلقى فيها كل سمات الناشئ اليهودي ، في أسرة شديدة التمسك بيهوديتها .

 

          يقول (د. جرجس) : "وإذا شئنا في هذا الصدد الاستعارة من الفكر الفرويدي نفسه ، وبالتحديد ما أكده من أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل في صياغة شخصيته فيما بعد ، لكان جلياً أن المؤثرات الصهيونية التي أحاطت بفرويد منذ نشأته ، وأحاطت بأسرته لعدة قرون من قبل أن يولد ، صبغت شخصيته وفكره على نحو لم يستطع إخفاءه دائماً".

 

          وقد لا يهمنا تطبيق آرائه ونظرياته عليه كما يقول الكاتب ، لكن حياته في الواقع قد كانت فعلاً مشحونة بالشعور بالذاتية اليهودية ، ذات السمات المعروفة في عامة اليهود .

          يقرر الكاتب المتتبع أن يهودية (فرويد) قد كانت ممتدة إلى الجوانب الثقافية والوجدانية في حياته كلها ، ففضلاً عن علاقاته المهنية والشخصية الوثيقة ، التي كادت أن تكون مقصورة على أفراد من اليهود ، فقد كان أيضاً على معرفة متضلعة بالحياة وبالجوانب العقائدية وبالطقوس اليهودية ، كما كان على استيعاب شامل للتاريخ والأدب اليهودي ، ولفلسفة اليهود وعاداتهم ونكاتهم وأقوالهم المأثورة ، وأن (فرويد) على الرغم من مجاهرته بعدم الإيمان قد كان يهودياً في أعماق وجدانه ، وهذا ما جعله شديد الحساسية لأية بادرة يشتبه في اتجاهها المضاد لليهود ، وكانت استجابته لجميع هذه المواقف عنيفة أشد العنف ، وعلى الرغم من أنه لم يشاهد في حياته أي اضطهاد من أجل يهوديته ، إذ ترقى في الدراسة والوظيفة حتى حصل على منصب أستاذ مساعد في الجامعة ، إلا أنه كان يشعر بالاضطهاد في داخل نفسه من أجل يهوديته ، ولذلك كان ينطوي على نفسه وداخل دائرة من أصدقائه ، وكلهم من اليهود ، إذ إنه ما كان ليأنس إلى صديق أو يطمئن إليه إلا أن يكون يهودياً.

 

          وكان انتماؤه ليهوديته لا للبلاد التي عاش فيها حياته ، وهذا ما صرَّح به هو عن نفسه ، فقد قال ذات مرة : "إنه يهودي ، وليس نمساوياً أو ألمانياً" . كذا نقل عنه (جونز) مؤرخ سيرته .

 

          وذكر اليهودي (ماكس جراف) أنه كثيراً ما كان يزور (فرويد) ويدخل معه في نقاش حول ما أسماه "المسألة اليهودية" ، فكان يلاحظ دائماً اعتزاز (فرويد) بيهوديته ، وفخره بانتسابه إلى الشعب اليهودي ، الذي قدم التوراة إلى العالم .

 

          وتساءل (ماكس جراف) ذات مرة عما إذا كان من الخير أن يوجه اليهود أبناءهم إلى اعتناق المسيحية ، إذا اقتضى الأمر ذلك ، فإذا بفرويد يعترض بشدة قائلاً: "إذا لم تنشيء ابنك على أنه يهودي ، فسوف تحرمه من مصدر طاقة لا يمكن أن يعوض بشيء آخر ، إن عليه كيهودي أن يكافح ، ومن واجبك أن تنمي فيه نفسه كل الطاقة اللازمة لذلك الكفاح ، فلا تحرمه من هذه الميزة".

 

          قال الكاتب المتتبع : "وقد كرر (فرويد) بأن اليهودية مصدر للطاقة في كثير مما كتب.

 

          ويهودية فرويد الوجدانية والعصبية هي التي جعلت البطانة الأولى من مشايعيه كلها من اليهود ، ولما اتسع نطاق التحليل وانتشرت دائرة الملتفين حوله ظل معظم المقبلين عليه من اليهود أيضاً".

 

          ألا فليعلم ملاحدة العرب أنهم يشايعون بإلحادهم اليهودية العالمية المعادية لهم ولأمته ، ويجندون أنفسهم في صفوف الأعداء .

 

 

          كما كان (فرويد) يهودياً صهيونياً في مشاعره ووجدانه ، وصديقاً لهرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة[2] ، فقد كان عضواً في بعض المنظمات الصهيونية العاملة .

 

          فمن الحقائق المعروفة أنه قد انضم إلى جمعية (بناي برث) الصهيونية ، أي : جمعية أبناء العهد ، وكان انضمامه إليها في عام (1895م) وهو في التاسعة والثلاثين من عمره ، وظل يواظب على حضور اجتماعات هذه الجمعية الصهيونية ، التي كانت تعقد يوم الثلاثاء كل أسبوعين طوال عدة سنوات ، وفي هذه الجمعية ألقى (فرويد) أولى محاضراته عن تفسير الأحلام ، وكانت مساهمته في نشاط هذه الجمعية أحد وجوه النشاط القليلة جداً ، التي كان يبيح لنفسه المساهمة فيها ، لأنه كان يضن بوقته أن ينفقه في نشاط لا يلح عليه وجدانه أن يساهم فيه.

 

          ومن المعروف أن جمعية (بناي برث) لا تقبل بين أعضائها غير اليهود ، وليست على غرار الجمعيات اليهودية الأخرى كالماسونية ، وهدف هذه الجمعية في الظاهر رعاية المصالح اليهودية الحضارية والثقافية والخيرية ، أما هدفها الحقيقي فهو العمل في خدمة الصهيونية العالمية .

 

          وقد أنشئت هذه الجمعية أول الأمر في أمريكا ، ثم تكونت لها فروع في كثير من البلاد الأوروبية ، وكان لها نشاط قوي وملحوظ تغلغلت عن طريقه في صميم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد التي أُنشئت فيها ، لا سيما بريطانيا وأمريكا . وسارت في سبيل تحقيق المخطط الصهيوني عن طريق التحالف مع رأس المال اليهودي ، للسيطرة على أجهزة الإعلام ، وفي مقدمتها الصحافة ودور النشر ، وللقضاء على كل من تسول له نفسه أن يتصدى لها ويكشف عن خبائثها .

 

          وتنفيذاً لهذه المهمة عملت الجمعية على إسكات الألسن ، وتحطيم الأقلام ، وهدم الجهود التي كانت تحاول الكشف عن المخططات اليهودية الصهيونية .

 

          وصرح رئيس وفد هذه الجمعية الأمريكي ، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد بمدينة "بال" بسويسرا في عام (1897م) بقوله :"علينا أن ننشر روح الثورة بين العمال ، وهم الذين سندفع بهم إلى خطوط دفاع العدو ، موقنين بأنه لا نهاية لرغباتهم ، ونحن بأمس الحاجة إلى تذمرهم ، لأنه السبيل إلى تخريب المدنية المسيحية ، والوصول سريعاً إلى نشر الفوضى فيها . ولسوف يحين الوقت سريعاً الذي يطلب فيه المسيحيون أنفُسهم إلى اليهود أن يتسلموا السلطة".

 

          هذا ما ذكره الكاتب المتتبع .

 

          ومنه يتضح لنا أن (فرويد) – وهو واحد من أعضاء هذه الجمعية الصهيونية – لا بد أن يكون مسخراً لخدمة الأهداف الصهيونية عن طريق نشاطه العلمي ، كما غدا معروفاً تماماً في كل النشاطات التي يقوم بها أصحاب الغايات الخاصة ، إنهم يسخرون ما يستطيعون من نشاطهم لتحقيق غاياتهم ، والحياد العلمي المزعوم أصبح مشكوكاً فيه شكاً يرجح جانب الاتهام دائماً ، فلا ثقة بالحياد العلمي المدعى من قبل ذوي العصبيات الخاصة ، لا سيما أصحاب المكايد من اليهود ، لقد غدا معروفاً ومكشوفاً أنهم يصوغون نظريات كاملة ، ويلبسونها أثواب البحث العلمي الحيادي المتجرد ، كذباً وزوراً ، وغرضهم منها خدمة غاياتهم القريبة أو البعيدة ، علماً بأن هذه المذاهب أو النظريات التي وضعوها لا أساس لها من الصحة بصيغتها العامة ، ولكن قد يكون فيها عناصر صحيحة متفرقة ، ومع هذه العناصر الصحيحة عناصر أخرى فاسدة . تجعل النظرية فاسدة بوجهها العام ، وتكون العناصر الصحيحة فيها هي الطعم الذي يقدم فيها لقبولها جميعاً ، وبقبولها جميعاً يتحقق المطلوب من المكيدة ، ويقع الصيد فريسة صياده".

 

          ونستطيع أن نقول بيقين : إن كل نظرية علمية تنتهي إلى إقرار الإلحاد بالله ، وبرسالاته ، مذهباً اعتقادياً ، فهي نظرية موجهة لغايات خاصة ، مهما وُجد في عناصرها الأولى من أمور صحيحة ، وعند التتبع البصير الواعي تنكشف العناصر المزيفة الداخلية التي أفسدت الصيغة العامة للنظرية ، وجعلت النتائج التي بُنيت عليها نتائج باطلة .

 

          وبما أن (فرويد) منفذ خطة يهودية صهيونية ، وعضو من أعضاء الصهيونية العالمية ، كان من الطبيعي أن تمجده الحركات الصهيونية ، وتعمل على نشر آرائه وما تسميه بنظرياته ، والتبشير بها بين الأميين[3] ، فهذا العمل إحدى مراحل خطتها .

 

          أما الترويج لأفكاره فقد شهدنا آثاره بشكل منقطع النظير ، حتى أمست آراؤه وأفكاره على ألسنة معظم المثقفين ، وصارت متداولة تداول الحقائق ، وفتن بها الكثيرون ، بتأثير الدعاية اليهودية العالمية .

 

          وأما تمجيده وتكريمه بشكل خاص فنجده فيما فعلته جمعية (بناي برث) الصهيونية ، إذ أقامت حفلاً له بمناسبة بلوغه من العمر سبعين سنة ، ولم يحضر فرويد هذا الحفل ، ولكن أناب عنه في حضوره طبيبه الخاص البروفسور (لدفيج براون) الذي ألقى كلمة فرويد فيه ، وقد جاء في كلمة (فرويد) ما يلي:

 

          "... إن كونكم يهوداً لأمر يوافقني كل الموافقة ، لأنني أنا نفسي يهودي ، فقد بدا لي دائماً أن إنكار هذه الحقيقة ليس أمراً غير خليق بصاحبه فحسب ، بل هو عمل فيه حماقة إيجابية ، إنه لتربطني باليهودية أمور كثيرة ، تجعل إغراء اليهودية واليهود أمراً لا سبيل إلى مقاومته ، قوي انفعالية غامضة كثيرة كلما زادت قوتها تعذر التعبير عنها في كلمات ، بالإضافة إلى شعور واضح بالذاتية الداخلية...

 

          وهكذا وجدت نفسي واحداً منكم أقوم بدوري في اهتماماتكم الإنسانية والقومية ، واكتسبت أصدقاء من بينكم ، وحثثت الأصدقاء القليلين الذين تبقَّوا لي على الانضمام إليكم"[4].

 

          هذا هو الصهيوني (فرويد) إذ كان عمره (70) سنة.

 

          وبالإضافة إلى كونه عضواً في جمعية (بناي برث) الصهيونية كما بينَّا كان عضواً فخرياً في منظمة (كاديما) وهي منظمة صهيونية معروفة ، وإذ اكتفى بالعضوية الفخرية بالنسبة إلى هذه المنظمة فقد دفع أحد أبنائه ليكون عضواً عاملاً فيها .

 

          ومعلوم أن الحركة الصهيونية حركة ذات طابع ديني وقومي مفرط في التعصب ضد الأمم والأديان الأخرى ، وما كان (فرويد) ليعمل فيها ويدفع إلى العمل فيها أحد أبنائه لو لم يكن مؤمناً بمبادئها ، ومن مبادئها ما أعلنه (تيودور هرتزل) لدى افتتاح المؤتمر الصهيوني الأول بقوله : إننا هنا لنضع حجر الأساس لبناء المأوى الذي يأوي الشعب اليهودي إليه ... إن الصهيونية هي عودة اليهود إلى اليهودية قبل عودتهم إلى الأرض اليهودية . إن الصهيونية هي القومية الجديدة للشعب اليهودي ".

          أفلا يدل هذا دلالة قاطعة على أن تظاهر (فرويد) بالإلحاد وعدم إيمانه بأي دين قد كان عملية من عمليات المكر والمخادعة ، ليضم إلى فكرة الإلحاد أنصاراً من الأمم غير اليهودية ، وبذلك يجندون أنفسهم في الكتائب المنفذة للمخططات اليهودية العالمية .

 

          يقول الكاتب المتتبع لفرويد : "فإذا كان الأمر كذلك فقد كان شأنه فيه – كشأنه في كل المناسبات الصهيونية العنصرية التي ناصرها فعلاً – الحذرَ والبعد عن الأضواء ، حتى لا يثير الريبة فيما أحيط به من هالة الموضوعية تفكيراً ، والإلحاد عقيدة ، والحقيقة العلمية هدفاً...

 

          وهكذا كان (فرويد) برغم كل ما تظاهر به من تفكير حر ، وبرغم كل ما أعلن من إلحاد ، غارقاً في اليهودية ، بل اليهودية الصهيونية إلى أعمق الأعماق ، وهكذا وجد "فرويد" نفسه في قمة شعوره بالذاتية اليهودية الصهيونية ، وقمة توحده مع تلك الذاتية ، مسوقاً في الطريق العلمي إلى التحليل النفسي ، ومسوقاً في الطريق السياسي إلى العمل الصهيوني ...".

 

 

          استغل (فرويد) وتلاميذ مدرسته اليهود طريق التحليل النفسي لخدمة اليهودية العالمية ، والحركة الصهيونية .

 

          من ذلك ما استغلوه في موضوع معاداة السامية ، الفكرة التي حمل اليهود رايتها في العالم الغربي ، لإسكات كل لسان يمكن أن يتحرك في انتقاد اليهود ، ولإيقاف كل مقاومة تتوجه لصد مكايدهم وتحركاتهم المريبة ، في السياسة ، أو في الاقتصاد ، أو في الإعلام ، أو في مجالات العلم والثقافة ، أو في غير ذلك من مجالات .

 

          ومما يثير العجب في خطة العمل اليهودية أن قادة الصهيونية قد كانت لهم رغبة بتحريض الأمم الأخرى على معاداة السامية (أي: معاداة اليهود) لتستفيد الحركة الصهيونية من ذلك ، حتى قال (هرتزل) مؤسس الصهيونية الحديثة :"إن الصهيونية أحوج ما تكون إلى مبدأ معاداة السامية لكي تنتعش ".

 

          وغدت قصة معاداة السامية هي السلاح الدعائي الذي يحمله اليهود في العالم الغربي ، لاتهام كل من يعارض يهودياً ولو كان اليهودي هو المجرم الجاني بأنه معادٍ للسامية ، باعتبار أن اليهود ساميون منبثون في شعوب غير سامية ، وبذلك يتحمل المظلوم الغربي ظلامته في نفسه ، خشية أن تلصق به تهمة التفرقة العنصرية والمعاداة على أساس عرقي .

 

          وفي ظل هذا السلاح الدعائي نشط اليهود نشاطاً كبيراً في اغتنام خيرات البلاد التي نزلوا فهيا ، وفي صنع المكايد الكثيرة دون أن تجرؤ الأمم الأخرى على مقاومتهم ، خشية أن تلصق بها تهمة معاداة السامية ، واليهود وحدهم من دون سائر الساميين هم الذين يستفيدون من هذا السلاح ، كأنهم وحدهم هم الساميون في العالم ، أما سائر الساميين فلا بأس أن يحرضِّ اليهود الدول على استغلالهم واستعمارهم ونهب خيراتهم .

 

          أما دور (فرويد) وتلاميذ مدرسته في هذا المجال ، فقد كان يعتمد على تسخير مبدأ التحليل النفسي لتزييف الواقع والحقيقة ، وتمجيد اليهود وخدمة الصهيونية .

 

          ولفرويد أقوال صريحة وواضحة في هذا المجال ، وله تحليلات يزينها وفق أهوائه الخاصة ، وقد ذكرها في كتابه "موسى والتوحيد" .

 

          وقد ذكر (فرويد) في تحليلاته أن أسباب كراهية الأمم لليهود كثيرة ، واعتبر أنها ترجع إلى صنفين:

          * الصنف الأول :

          ظاهر وليس بعميق ، وذكر من هذا الصنف سببين:

          الأول : كون اليهود غرباء من الأوطان التي يقيمون فيها .

 

          الثاني : كون اليهود أقلية ، لأن الشعور الجماعي كي يكون كاملاً فيما يُقرر يقتضي بتوجيه العداء نحو الأقلية .

 

          * الصنف الثاني:

          ما أسماه (فرويد) بالأسباب العميقة ، وزعم أنها ترجع إلى الماضي السحيق ، وأنها منبعثة من اللاشعور ، وهي في رأيه تتلخص فيما يلي:

          1- غير الشعوب الأخرى من اليهود ، لأنهم آثرُهم عند الله ، بوصفهم أكبر أبناء الله .

          2- تمسك اليهود بعادة الختان .

          3- أن الشعوب غير اليهودية لما تركت وثنياتها الأولى تحت قوة الضغط حقدت على أديانها الجديدة في مستوى اللاشعور منها ، فأسقطت حقدها على اليهود ، لأنها لا تستطيع أن تكره دينها الجديد .

 

          هذه هي التحليلات النفسية التي أرجع إليها (فرويد) كراهية الأمم غير اليهودية لليهود .

 

          وفي اعتقادي أن أي عاقل لا يملك نفسه عن ضحكات ساخرات من هذا التحليل ، ومن هذه الأسباب التي ذكرها .

 

          أما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم غرباء عن الأوطان التي يقيمون فيها ، فهو مردود من وجهين:

 

          الوجه الأول : أننا نجدهم مكروهين ولو كانوا هم الأصلاء لا الغرباء .

 

          الوجه الثاني : أننا نجد كثيراً من الغرباء في الشعوب محبوبين محترمين غير مكروهين .

 

          فليست الغربة إذن من أسباب كراهية الأمم لهم ، إلا أن ينضم إليها شيء آخرُ من اليهود أنفسهم ، كالاستغلال والأنانية وعقدة الاستعلاء وحقدهم هم على الأمم .

 

          وأما زعمه أن من أسباب كراهية الأمم لليهود كونهم أقلية ، فهذا خلاف الواقع تماماً ، بل هو عكس الواقع تماماً ، إذ الواقع أن العداء يتوجه من الأقلية إلى الأكثرية بدافع الحسد ، وليس العكس .

 

          فليست الأقلية من أسباب كراهية الأمم لهم ، إلا أن ينضم إليها شيء آخرُ من الأقلية نفسها ، كمكايد تكيدها ، واستغلالات تستأثر بها ، وعقدة استعلاء تفتخر بها .

 

          فالكراهية سببها اليهود أنفسهم ، وأعمالهم داخل الأمم التي يعيشون بينها .

 

          وأما ما ذكره من الأسباب العميقة فشيء مضحك جداً جداً .

 

          أما غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم آثرهم عند الله بوصفهم أكبر أبنائه ، فلا أحد يعترف لهم بهذه الميزة حتى يغار منهم ، ولكن الحسد والغيرة من سمات اليهود منذ تاريخهم القديم .

 

          وأما تمسك اليهود بعادة الختان فمع بالغ السخرية نقول: إن غير اليهود يختتنون أيضاً ، والأمم الأخرى لا تكرههم لذلك .

 

          وأما حقد الأمم على أديانها في مستوى اللاشعور ، وإسقاط حقدها على اليهود ، فتحليل خيالي خرافي لا نظير له إلا في مستشفى المجانين .

 

          فهل يوجد سخف أكبر من هذا السخف الفرويدي باسم التحليل النفسي ، لدعم اليهودية العالمية؟!!.

 

 

          ثم إذا تجاوزنا كل ما سبق ، ونظرنا إلى نظرية (فرويد) في التحليل النفسي نظرة موضوعية غير متحيزة ، فإننا لا نجد فيها ما يبرر للناقد (د. العظم) أن يمجدها ويقول عنها : إنها من أهم النتائج التي توصلت إليها البحوث العلمية في مجال الدراسات النفسية .

 

          أما فكرة تحليل دوافع الأنفس إلى السلوك فهي فكرة إنسانية قديمة ، وليست هي بحد ذاتها من مبتكرات (فرويد) إلا أن هذا الرجل قد أفرط في السبح الخيالي في تحليل تصرفات الإنسان ، إفراطاً حشد فيه أوهاماً وفرضيات أقرب ما تكون إلى التخريف المطلق منها إلى الدراسة العلمية الموضوعية .

 

          بيد أنه باتجاهه نبه الباحثين النفسيين على البحث الموضوعي في مجال التحليلات النفسية ، حتى تكونت مدارس التحليل النفسي في عالم العلم ، وأصبحت مدرسة فرويد اليهودية في نظر العلماء بدائية متخلفة جداً . والسر في هذا أن فرويد كان مسخراً أساساً لمحاربة الأديان ، وتهديم القيم الأخلاقية والاجتماعية ، وقد فرضت عليه الخطة اليهودية العالمية أن يضع نظرية تتستر بالعلم لتحقيق هذه الغاية ، فاستخدم التحليل النفسي طريقاً إلى ذلك ، كما استخدم غيره من اليهود طرقاً أخرى تحت ستار البحث العلمي لتحقيق الغاية نفسها ، وطبيعي أن تكون الدراسة العلمية الموجهة أساساً لإبطال حقيقة من الحقائق مُكرهة على أن تحمل في حقيبتها وعلى ظهرها أكداساً من التخيلات والأوهام والفروض التي لا سند لها من الواقع ، ومُكره على أن تصوغ نظرية تجمع في لبناتها بعض الحقائق لإقامة بعض الزوايا ، ثم تملأ سائر الثغرات بأوراق ملونة مصبوغة ، تشبه في ظاهرها صورة لبن البناء وقواعده ، وهي في حقيقتها وهم خداع تمزقه أية يد تمتد إليه بالفحص والبحث العلمي .

 

          واقتبس هنا نقداً موضوعياً لمدرسة (فرويد) في التحليل النفسي ، مما كتبه صديقنا الدكتور عبد الحميد الهاشمي ، وهو نقد مؤلف من النقاط التالية:

 

          1- إن آراء (فرويد) هي أولاً وقبل كل شيء نظرية افتراضية وليست من الحقائق النفسية أو المبادئ العلمية التي أثبتتها التجارب ، أو صدَّقتها الملاحظة العلمية .

 

          فليس لآراء (فرويد) تلك الهالة التي يحاول بعض مناصريها أن يُلبسوها ثوب الحقائق العلمية ، أو كما تحاول بعض الجهات العالمية أن تحيطها بالدعاية .

 

          2- تعتبر هذه النظرية امتداداً لفلسفة أفلاطونية ،إلا أن أفلاطون كان يحاول أن يسير بالنفس الإنسانية نحو المثالية ، أما (فرويد) فقد تشبث – كما يقول تلامذته – بالدافع الجنسي ، ليظل هو الدافع والوسيلة والغاية .

 

          والواقع أن الصحة النفسية إذ تسعى

الصفحات [1] [ 2]
اضيف بواسطة :   admin       رتبته (   الادارة )
التقييم: 0 /5 ( 0 صوت )

تاريخ الاضافة: 26-11-2009

الزوار: 8711


جديد قسم مـقـالات الموقـــع
القائمة الرئيسية
البحث
البحث في
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك